✍مجدي عبد القيوم(كنب)
في المضمار السياسي والرياضي في بلادنا ثمة ملامح تشابه ربما يعزي ذلك لأن القطاع الرياضي باعتبار أنه اوسع قطاع جماهيري يضم جل أن لم يكن كل السياسيين مختلف فئاتهم ادباء وشعراء واقتصاديين واعلاميين وكل الشرائح المهنية ولعل اسماء كالطيب عبد الله”البابا” وود الياس ومهدي الفكي وشاخور وعبد الله السماني وبروف شداد وبروف علي المك وصاحب “بعد ايه ” اسماعين ود حد الزين عاشق المريخ المتبتل والادروب الأسمر مبدع “ما نسيناك” وسأل من شعرها الذهب” ابوامنه حامد هلالي الهوي وسبدرات كذلك الملمح الابرز وهو التنافس وفقا لقواعد اللعبة في المضمارين هذا التداخل ميز القطاع الرياضي واكسبه زخما ومع ذلك التشابه بما في ذلك الخروج عن قواعد اللعبة احيانا إلا أن الفرق الجوهري هو أن الرياضة بمختلف ضروبها تمثل جسرا للتواصل حتي بين الشعوب حين تمضي السياسة في سمتها الغالب في دروب ودهاليز تبتعد في الغالب الاعم عن فلسفة التسامح وتقبل الهزيمة مثلما الفرح بالنصر الذي تتميز به الرياضة كذلك السلوك أو النهج الديمقراطيومعلوم أن شعار الحركة الرياضية الأشهر هو” أهلية وديمقراطية الحركة الرياضية” لعل التركيز علي كرة القدم عند الحديث عن الرياضة لأنها اللعبة الأكثر شعبية والتي تنال اهتمام الجميع من المؤكد أن القيم الكلية والأهداف العليا في فلسفة التنافس هي ترويض النفس علي الالتزام بالقواعد بالمعني المطلق للكلمة والمثابرة والإصرار والعزيمة وما إلي ذلك دخلت كرة القدم عالم الاقتصاد من خلال الاحتراف في الدول المتقدمة سيما اوربا وأصبح المال الرياضي اقتصاد قائم بذاته له قواعده وضوابطه ويشكل مكونا كبيرا في اقتصاديات الدول ولعل الدراسة المعمقة للباحث الدكتور مجدي الجزولي بعنوان “حول الاقتصادي السياسي لكرة القدم”؟ المنشورة في عدة منابر من بينها “الحوار المتمدن” بتاريخ ١٠ يوليو ٢٠٠٦ تغطي كل الجوانب المحيطة بكرة القدم من النواحي الاقتصادية وحتي الاجتماعية ويستعرض المراحل التاريخية لنشأة اللعبة والتي بدت كلعبة شعبية ارتبطت بالعمال إلي أن وصلت في ظل الاحتكار إلي درك سحيق حتي اكتست :بميسم الرأسمالية الحارق” كما يقول “في ظل تسليع اللعبة حتي وافقت خصائها شروط الرأسمالية المكتملة ” يا لجزالة التعبير عند المفكر الجهبوذ الدكتور مجدي الجزولي الذي كتب في بدايات هذه الحرب اللعينة “حرب علي سيقان الضأن” التي لم يلتفت اليها من ظلوا يرددون أن الحرب من فعائل الفلول وانها محض “شكلة” بين “فريقين” لعل هذا القول الذي يختزل الصراع العالمي حول الموارد مدعاة للتهكم بقدر ما هو استخاف بالعقول سواء اتي من بعض اصحاب منهج الجدل أو “ناس قريعتي راحت” من كل شاكلة وجنس. وفي تقديري أن الموقف الشهير من الداهية” بلاتر” في اخريات تجربته الثرة كان بسبب موقفه الرافض لاحتكار حقوق البث لانها افقدت اللعبة الشعبية وجماهيريتها ومناداته بالغاء الاحتكار وهو ما لم تتسامح معه الراسمالية المتعفنة فدخل الاف بي اي مقر الفيفا منقبا ومفتشا حتي في ضمير الرجل وكنا حينها كمهتمين ينحون يسارا ويغنون مع المغدور ابو ذر الغفاريالهم احيني اشتراكياوامتني اشتراكياواحشرني مع زمرة الغفاري الأكبر القائلأن الناس شركاء في الكلاء والنار والماء دعك عن حق الفرجة نتابع ونحن نهتف”فيفا بلاتر” لتخسأ الامبريالية لا تقتصر اقتصاديات كرة القدم علي صفقات شراء اللاعبين سواء بالنسبة لهؤلاء أو الأندية ولكن ذلك يمتد حتي كواليس اللعبة خارج الملعب كحقوق البث(التشفير) والدعاية للمنتجات المختلفة التي تصاحب المباريات وكذلك الترويج للمنتجات والماركات العالمية للشركات الكبري التي يقوم بها النجوم الكبار تكتسب مسألة تنظيم فعاليات كأس العالم أهمية قصوى بالنسبة للدول التي تتنافس علي تنظيم المونديال فبالاضافة إلي العائد المادي الضخم هناك جوانب اخري لا تقل أهمية عنه ولسنا بصدد تعديد ذلك فهي معلومة لذلك تقف علي إعداد ملف الترشح لتنظيم المونديال الدولة بكامل أجهزتها وعلي اعلي المستويات لعلنا وفي ظل الواقع المأزوم الذي تعيشه بلادنا بسبب هذه الحرب الكارثية نركز علي الجوانب المشرقة للعبة من حيث كونها في الأصل لعبة جماعية تقوم علي التعاون بين اللاعبين غض النظر عن الفوارق عرقية أو دينية أو اللون وبالتالي تشكل عامل تمازج وانصهار وتكرس لهذه القيم النبيلة صحيح أن الملاعب تشهد احيانا تجاوزات تخرق قواعد اللعبة كالاساءات ذات الطابع العنصري ولكنها تظل تجاوزات ولا تأخذ بعدا أعمق في الملاعب السودانية تري ملمح التمازج والتنوع الذي فشلت السياسة في ادارته وفي ذاكرة الرياضيين في السودان نماذج سيما علي مستوي الأندية الكبري ففى التاريخ القريب برز من أبناء جنوب السودان منصور سبت في المريخ وريتشارد جاستن ويور في الهلال علي سبيل المثال لا الحصر وقبلهم جيمس لاعب التحرير والفريق القومي إلي جانب أبناء الشرق عبد اوهاج وطاهر حسيب وطوكراوي وانور حجاجاحتشد هؤلاء الافذاذ جنسيا إلي جانب ثلة مبدعين أمثال النقر وحموري والدحيش وسامي عز الدين وعلي قاقارين وربما كان تعداد جبال النوبة أهون علي المرء من احصاء لاعبي الاقليم الذين اثروا الملاعب وكذلك ابناء كردفان وغرب السودان وان برز من هؤلاء نجوم الماراثون العالمي واعتلوا منصات التتويج من لدن الكشيف حسن وموسي جودة وخليفة عمر وكاكي الذين صعدوا تلك المنصات يلتفون بعلم السودان علي أنغام السلام الجمهوري الذين كان كل السودانيين يتابعون خطاهم في المضمار دون أن يتساءلوا عن قبائلهم فما يهمهم أن يحققوا ازمانا قياسية تجعلنا نزدهي فرحا ونغني طربا ونهتف فوق فوق سودانا فوقيا لذياك الزمان يا لهذا العبقأنها ليست “نستالوجيا” بل وقفة للعبرة والتفكرمن أعلن النعي علي هذا الزمان علي قول المبدع صاحب همسة شوق وحروف اسمك وقصة الثورة هاشم صديق هذه اللوحة الزاهية كانها زخرف طرز المستطيل الاخضر لم تجد من الساسة من يحفظها في المكان الذي يليق فتمزق نسيجها وبهتت الوانها مع ذلك ظلت الرياضة وعلي الدوام أحد أهم ركائز الوحدة بين السودانيين ومثل النشاط الرياضي عاملا هاما في معالجة الكثير من النزاعات القبلية في فترات مختلفة من تاريخ البلاد ولعل تجارب دورات التعايش السلمي تجربة متفردة لا يقتصر دورها علي تضميد جراحات حادثة ما انما تعزز من قيم التعايش وقبول الآخر وتوطين النفس علي التكيف الاجتماعي وهناك تجارب ثرة في هذا المجال في بقاع السودان المختلفة وقد تشرفنا بالمشاركة في مثل هذه الأنشطة علي مستوي البحر الأحمر لتضميد جراحات تسببت فيها نزاعات مفتعلة بين مكونات شرق اجتماعية اتاحت لنا فرصة لقاء تاريخي مع الحارس الاسطوري الابنوسي الفارع قدرا وقامة الراحل حامد بريمة الذي تسرب خلسة سبب الحرب وحوجته للانسولين الذي قدم الجوائز في دورة التعايش السلمي إلي جانب تكريمه كاحد عظماء هذه البلاد الذين سكبوا العرق مدرارا في الزود عنها والذي اغرورقت عيناه بالدموع من فرط التأثر بالاحتفاء به و”القومة” التي يصاحبها التصفيق والتصفير عند دخوله من بوابة الملعبهتفت الجماهير انئذ حامد حامد دون التفات لاي سؤال عن الهوية ولا مسقط راس فهو حامد بريمه وكفي اسم الشهرة والماركة المسجلة والعلامة المميزةإلا قاتل الله الحرب التي جعلت الانسولين يعز ويشح لدرجة أن تذهب الارواح هدرا تماما مثل تلك الرصاصة الطائشة التي أصابت ابنة الاسد فوزي المرضي في مقتل ولم يلبث هو نفسه كثيرا فلحق بها حسرة وغصة وحزنا مقيما في الدواخلتبا لكل من يقرع طبول الحرب أو يزكي اوارهافي التقدير أن اجدي الية للتكريس للوحدة والسلم المجتمعي هي الرياضة وبالاخص كرة القدم ففي الملعب تتلاشي الفروقات ويكون الهتاف للمبدع فاصل الأشياء هنا هو الابداع والفن والرسم علي المستطيل الاخضر كما كان يفعل”العجب” أو “هيثم مصطفي”وغيرهم تابعت جهود الشباب في المنافي في معالجة جراحات الحرب عبر تنظيم الدورات سيما الشباب في كمبالا عبر المثقف العضوي الشاب النشط الصديق “موسي ادبايور” وهو دور حيوي ينبغي الاستمرار فيه ودعمه وحبذا لو عممت التجربة في كل دول المهجر والمنافي وهنا بالداخل وتم التوثيق لها إيقاف ليس محض شعار بل ينبغي أن يترجم لافعال في كل الميادين واوسعها واكثرها تاثيرا ميدان الرياضة
