كتب: حاتم درديري
محكمة العدل الدولية هي أحد أجهزة النظام الدولي الحالي الذي انبثق بعد الحرب العالمية الثانية 1945.فهي لم تخرج يومًاً عن عباءة النظام الدولي، ذلك النظام الذي خدع دول الدول التي كانت تكافح الاستعمار، وتسعى لنيل استقلالها بشعارات “حق تقرير المصير” وحق في الوجود كدول مستقلة ذات سيادة في النظام الجديد، وحقها بالتحكم في مواردها، لكن استبدل الاستعمار الأوروبي بالهيمنة الأمريكية.هيمنة دعمت الانقلابات العسكرية، ورعت جنرالات فاسدين وقتلة، وفرضت نخباً سياسية بلا إرادة وطنية في بناء أوطانها، وتأسيس بديل اقتصادي تنموي، وأعاقت تطلعات الشعوب نحو الديمقراطية والعدالة الاجتماعية تحت حجج زائفة.لقد كانت الفلسفة المعلنة للنظام الدولي هي “تحقيق السلم والأمن الدوليين”، لكن ما شهدناه خلال أكثر من 80 عام كان غزواً واحتلالاً، وتدميراً ممنهجاً لبنى الدول التحتية في بنما، وغواتيمالا، وأفغانستان، والعراق، تحت لافتة “نشر الديمقراطية”، وتحت ستار مكافحة الشيوعية.الرهان على هذا النظام بأنه سيجلب السلام للسودان، وشعبه، هو رهان على وهم… على سراب، وهو ذات الرهان بعدم انقلاب المجلس العسكري على الفترة الانتقالية في 25 أكتوبر 2021.النظام الدولي لا يحترم إلا منطق القوة والمال. لا يعبأ بدعاة السلام، بل يقدّر الخونة والعملاء.ولو افترضنا أن المحكمة حكمت لصالح السودان، فهل سيوقف العدوان الإماراتي التشادي؟ بالطبع لأن الحكم سيظل حبراً على ورق ما لم نتمسّك نحن بهدفنا الأسمى: القضاء التام على الجنجويد، فلن يغير العالم موقفه.الانتصارات الأخيرة التي تحققت في الميدان، ما كانت لتحدث لولا صمود شعبنا، وتضحيات جنودنا وضباط الصف والضباط الشجعان. هؤلاء هم الأبطال الحقيقيون الذين دحروا المؤامرة، ومهروا بدمائهم على هذه الأرض الطاهرة لا البرهان، والذي يظل وجوده على رأس السلطة أكبر نقطة ضعف في معركة السودان من أجل كرامته.