أخيراً فعلها البرهان ، أخيراً أُدخلت الحرب في مسارها الصحيح الذي قد يعجل بنهايتها،
الآن فقط يمكننا القول أن توصيف هذه الحرب بدأ فعلياً وفقاً للقانون والدستور ، لأن تسمية الأحداث بمسمياتها هو القرار السليم لبداية نهاية الحرب ، فهذه الحرب لن تنتهي إلا بتعريفها تعريفاً صحيحاً مما يتيح الفرصة للتعامل مع العدو الأوحد للسودان بما يستحق من معاملة على رأسها قطع العلاقات معه نهائياً ثم إعلانه عدواً لشعبنا وأرضنا.
إن توصيف الدويلة بالعدو الحقيقي للسودان وفق القانون والدستور يجعل الحرب ضدها أمراً أكثر إتساقاً ومنطقاً ، فنحن اشتكيناها في مجلس الأمن أكثر من مرة وفي محكمة العدل الدولية وعرضنا على كل العالم الأدلة والبراهين التى تثبت تورطها ولكن على الرغم من ذلك لم نقطع علاقاتنا الدبلوماسية معها بل إحتفظنا بشعرة معاوية في ذكاء لافت لكنها لم تكف عن عدوانها بل زادت وتيرة عدوانها في تحدى صارخ لكل القوانين والأعراف والعلاقات الإنسانية بين الدول.
هذه الحرب منذ بدايتها لم توصف على الوجه الصحيح ولم يتم التعامل مع العدو الحقيقي بصورة جادة ، العدو الذي ظل يراوق فوق جثث أبناءنا ويلعب على شرف حرائرنا العدو الذي ظل يتجمل للمجتمع الاقليمي والدولي بثوب العفاف والإنسانية ؛ فالدويلة كانت ومازالت العدو الأول للسودان منذ أواخر عهد البشير خاصة بعد أن تغلغلت في مفاصل الدولة وأصبحت محركاً للفساد وصانعاً لشبكات الإجرام وبالتأكيد داعماً لأكبر مليشيا في أفريقيا وصلت للسلطة وأحتكرت السلاح والمال في آن واحد.
الدويلة دخلت على السودان من باب الأشقاء والجيران فوَثِق بها السودانيون وأشركوها في إقتصادهم ،فتحوا لها الباب أمام الإستثمار في الأراضي والمواشي والذهب وهو سوقها الأوحد وسلعتها الأثمن ؛ لكنها بدل أن تحفظ الجميل ظلت تنخر في جسد الدولة فجندت العملاء والجواسيس حتى وصلت لأعلى هرم السلطة وقيادتها فكان أول جاسوس سوداني يتم كشفه على الملأ ثم يهرب يعمل لصالحها.
منذ تلك الفارقة باتت الدويلة تنسج الشبكات وتُكيد المؤامرات لأجل تفتيت الدولة السودانية من الداخل فأستغلت هشاشتها خاصة بعد ثورة ديسمبر لتخترق النظام الأمني والإقتصادي والسياسي وعاست فساداً منقطع النظير ساعدها فيه مجموعة من أبناء السودان العملاء ليجد السودان نفسه أمام حقبة جديدة من شبكات الجواسيس والعملاء تحكم السودان وتصيغ قراره السياسي من غرف السفارات وردهات الفنادق، ناهيك عن سفريات القادة السياسيين والعسكريين الماكوكية إلى أبوظبي بين الفينة والأخرى يتلقون الأوامر ويتسلمون الظروف المملوءة بالدراهم .
حتى دخل السودان مُعترك الحرب اللعينة التي فرضتها الدولية على شعبنا بقوة السلاح لتغير جغرافيا السياسة والتاريخ في أرضنا وتُملك المليشيا ذمام أمرنا، ولكن الأقدار شاءت أن تنكشف خططها وتُهزم ملشياتها وتُفضح أمام العالم مؤامراتها؛ فأصبحت تتخبط من فرط خيباتها وهزائمها ، وما عدوانها الجوي على بورتسودان إلا نتيجة لهذا التخبط.
إن الثمن الغالي لطرد المليشيا المتمردة من كل مناطق دارفور وكردفان كان مهره إستهداف عروس البحر الأحمر ،فهذا العدوان الممنهج على المدينة الوادعة ماهو إلا إنتقام لما ذاقته هذه الدويلة من هزيمة وتقهقر في دارفور وفي نيالا بالتحديد ، ولا شك أن ضريبة إغلاق الأجواء في وجه طائرات الشحن والدعم الخبيثة في نيالا ستكون قاسية ومؤلمة لكنها في نفس الوقت ستكون شهادة ميلاد لنهاية مشروع الدويلة التخريبي في السودان.
منذ ثلاثة أيام هدأت أجواء نيالا من طائرات الموت الإماراتية تعطلت منظومات التشويش والمسيرات ، توقفت شحنات السلاح والعتاد وكُشف الغطاء الجوي فبدأت الردود الإنتقالية تنهال على المدنيين ومرافقهم الخدمية.
أخيراً نحن أمام لحظة تاريخية فارقة يدفع فيها السودان ثم أخطاء النخب السياسية التي توالت على الحكم على مر التاريخ ، يدفع فيها المدنيون ثمن الإستهتار والإستخفاف بمؤسساتنا العسكرية والأمنية التي تحمى أمننا القومي والإقليمي يدفع فيها أبناء الشعب السوداني ثمن كل جرام ذهب تم تصديره للدويلة تهريباً أو عبر مطارات الدولة دون أن نعلم أنها تدفع ثمنه طلقة في جسد الأطفال والنساء ، فيا ليت شعبنا يعي هذا الدرس الأليم جيداً!
اللهم برداًوسلاماًعلىالسودان
مرام البشير “٧ مايو ٢٠٢٥م”.