✍️ لـواء رُكن ( م ) د. يونس محمود محمد
بألسنة حداد، سليقة الفحش والبذاءات كان يتطاول مستشارو الجنجويد، يتطاولون على كل قيمةٍ في الوطن السودان، كأنَّ أفواههم مجاريف تُفسد الحرث، ممتلئون غيظًا على سائر الناس كما تمتلئ قربة الكير في يد الحدّاد لتزكّي الفتن، وتُشعل نيران الحروب من أجل أن يخلو الوطن بأكمله، من أهله وقيمه، وثوابته، لتستزرع فيه أيدي المؤامرة، أهلًا جُدد، غرباء الوجوه والأيدي والألسنة، فقراء المعرفة والتاريخ، ركام بشريّ من قطعان أفريقيا، ما تزال تعشعش فيهم غرائز القتل، ويستهويهم الصراع، وتحتل الكراهية صدارة أنفسهم.هذه البضاعة الكاسدة، والحشف المعيب والكيل الخاسر، هو ما ظلّ ( *المستشارون* ) يتصايحون في أسواق الوسائط والإعلام ليروّجوه بين الشارين، يضفون عليه الأكاذيب، ويقولون عنه أنَّه مشروع التغيير الواعد، والمخلّص من دولة ٥٦، ولقد تولّى كبر ذلك يوسف عزت، طبيق، عمران، الوليد مادبو، إبراهيم، الربيع وآخرون، تنافسوا في بث الأكاذيب، ونشر الكراهية والتحريض على القتل، إصطفّوا جميعهم ليبرّروا كل فظائع الجنجويد، أنفقوا أسوا ماعندهم، وإنتظروا ( *الأجر* ) من أسيادهم.ولكن إرادة الله الغالبة مضت إلى حيثُ لم يكونوا يحتسبون، حيثُ إنهار البناء من أعلى الجرف، وسقط المشروع الصهيوإماراتي، وإنهزم الجنجويد هزيمةً بلغت أصداؤها آذان العالمين الذين طالما سمعوا من أفواه المستشارين ما تصوّره قوّة لا تُقهر، وتغييرًا بالغًا مداه بما تيسّر له من ولاية إقليمية، وما حفه من رعاية دولية، وما وضع في أيديه من سلاح.هذه الصور المنقوشة على رمال السواحل، المتوهمة في أخيلة المساطيل طغى عليها الموج، ومزّقتها صدمة الوعي وإدراك الحقيقة، أنَّ المليشيا لن تهزم جيشًا بوزن الجيش السوداني، ولأن حدث ذلك في بعض الدول العربية والأفريقية فلا إمكانية لحدوثه في السودان لإعتباراتٍ قيمية، وإمتيازات شخصية المقاتل السوداني، وبيئته ومجتمعه الذي يحمل همه، وجيناته، ويعمل من أجله ليحفظ شرفه وكرامته، ويحمي أرضه وممتلكاته.ولذلك كان وقع الهزيمة صاعقًا شلّ ألسنة المستشارين، وبقية اللايفاتية، فأقبل بعضهم على بعضٍ يتلاومون، يأخذُ بعضهم بتلابيب قيادات المليشيا ويحمّلها الخسارة، ويعيب بعضهم تعريد المقاتلين وإيثارهم السلامة لما رأوه من بأسِ الجيش ومعيّته من المشتركة وكل قوات الإسناد.حيثُ وقف المستشارون والبقيّة في عقبة الإقرار بالهزيمة والإعتراف بالإنهيار لقوات الجنجويد، وتخلّيهم عن أعز ما يملكه المقاتل ( *المبدأ ،، والسلاح* ) فظهر عورهم، فهُم والمبادئ نقيضان، وتخلّوا ليس فقط عن السلاح الشخصي، إنما تركوا وراءهم مخازن تطفح بأحدث ما أنتجته المصانع، ولا حجّة في تركه طبعًا غير الهزيمة الماحقة، وتولّي الأدبار طلب النجاة، تاركين شعارهم ( *إتنين بس ،،، نصُر أو شهادة* ) فلا النصر نالوا منه نصيبًا، ولا الشهادة ختموا بها حياتهم الآثمة.أحدهم يلوم المستشارين والسياسيين العاملين في المليشيا، لِمَ لَمْ تعلنوا حكومة !؟ أحدهم يقترح تعيين قادة جُدد بصلاحيات واسعة،أحدهم يُخَوِّن كُل الضباط ويتهمهم ببيع ( *القضية* ) أما آخر العجائب فقد إتهم أحدهم المواطنين بأنهم سبب الهزيمة بتواصلهم مع الجيش وكشف تحرّكاتهم، ولذلك يرى أن يسجن كل المواطنين في مكانٍ واحد بعيدًا عن تحرّكات المليشيا.نعم كُل هذا التلاوم سببه الهزيمة التي حاقت بالجنجويد المجرمين، ووضعت نهايتهم، وقطعت دابرهم، وأدخلت الرُعب في قلوبهم، وهم يسمعون وقع خُطى المتحرّكات الآن في عقر كُردفان ودارفور، فأين المفر يا عبد الرحيم دقلو؟ وأين أنت من نداءك العنصري المقيت ( *كُل القوة الشمالية جوة*) وهكذا ضاقت رحاب الأرض الواسعة بالجنجويد، يفرّون وأنفاس الصيّاد وراء ظهورهم، تغوص سياراتهم في وحل الرمل، وتشتعل بصواريخ الجو، وتتبدّد ( *أحلام ظلوط* ) ليجد أنّ النهار قد أطلّ وهو مشدودٌ إلى حبل الغسيل، تمامًا كحال الجنجويدي الشقي ( *إبراهيم بقّال* ) الذي ساقه القدر ليسجّل لنفسه لقطات تبقى أبلغ عظة في تاريخ العمالة، والنهايات المستحقة للخونة، وتلخيص لحال مشروع المليشيا، من حاكم للخرطوم ( *بحسب الإدعاء* ) إلى دابة شائهة تائهة في الخلا والسموم. إن الشعور المصاحب لبكائيات الجنجويد وتلاسنهم وتلاعنهم بينهم، ليُطرب المرء أيما طرب، ويقتص مما أسرفوه من وعدٍ لجماعاتهم ووعيد لشعب السودان.ولعلهم الآن أدركوا مقدارهم في مقابل جيش الوطن.بلغنا غايات المنىأضحت بلادنا مؤمّناجيشنا القلوب طمّناإرتحنا وزال همّناأريد جيشنايا جيش الهنا *بـل بـس*