” لست محبطاً من أجل أى شئ لقد حصلنا للتو على أربعة ترليون دولار” قالها ترامب وهو على متن الطائرة عائداً إلى واشنطن بعد أن غادر آخر محطات رحلته في الشرق الأوسط “أبوظبي” .
لم يساور الجميع أدنى شك بأن هذه الزيارات لها مابعدها فحجم الصفقات التي عُقدت كان مهولاً ، تدفقت مليارات الدولارات الإماراتية إلى جيوب ترامب وشركاته الخاصة في مشهد لا يخلو من الإنتهازية السياسية وها هو اليوم يبدأ في تنفيذ أجندة الدويلة قبل أن تُكمل الزيارة أسبوعها الأول.
الدويلة إستطاعت الحصول على صفقة إستراتيجية تتعلق بالذكاء الإصطناعي والتكنولوجيا الرقمية الصفقة لم تتعدى ال١٥٠ مليار دولار ولكن مادُفع تحت الطاولة كان أكبر بكثير ، دفعت الدويلة أموالاً طائلة للحصول على هذه التكنولوجيا التي كانت ممنوعة في عهد بايدن خوفاً من تصديرها للصين بحكم علاقة طحنون بن زايد القوية ببكين ، ولكم أن تخيلوا دويلة مجرمة ومغتصبة ليس لها تاريخ كباقي الدول تعيث في الإقليم فساداً وتسعى بواسطة هذا الرجل المهووس بالتجسس لإقامة أكبر مركز بيانات للذكاء الإصطناعي في أبوظبي يغذي الهند وأوروبا وافريقيا وبمساعدة كبيرة من أمريكا التي لا يهمها ماتفعله الدويلة وما ستفعله في الشعوب إذا ما امتلكت مزيد من أدوات الحرب والدمار.
لم تكن الصفقات وليدة الصدفة ولكنها كانت نتاج سمسرة مدروسة ومفهومة فمليارات الدولارات خرج بها ترامب كنصيبه الشخصي من هذه الصفقات التي عُقدت بإسم الحكومة الأمريكية لكن كل هذه الأموال لم تكفيه بل جعلته أكثر نهماً فعَقَد مزيد من صفقات السلاح والعتاد الحربي الذي أصبح يشحن من واشنطن إلي السودان مروراً بأبوظبي أو إحدى قواعدها الخلفية.
وهنا يحضرنا سؤال مهم ماذا يتوقع الشعب السوداني من رجل كترامب ؟؟ وماذا نتوقع من إدارته التي تعمل جاهدة للتستر على فضائحه المالية ؟
في الكونغرس الأمريكي وصلت الخلافات حد الثمالة ومن الواضح أن حالة التشاكس الداخلي بين الديمقراطيين والجمهوريين بسبب صفقات ترامب المشبوهة يزداد صداها يوماً بعد يوم وللأسف تُستغل الحرب في السودان ككرت ضغط لكل من الأطراف فالديمقراطيين يصرون على أن ترامب مرتشي وحول الحكومة لصالحه وصالح شركاته عبر أموال الدويلة التي يبيعها كل شئ حتى أسرار دولته العظمى ، وهذه حقيقة لا مفر منه.
رد الفعل الحكومي كان قوياً ومتماشياً مع أجندة أبوظبي فهاهو ماركو روبيو وزير خارجية ترامب بعد إستجوابه الشهير في مجلس الشيوخ سارع لنبش إدعاءات مفبركة منذ يناير الماضي كانت الدويلة قد باعتها لصحفيين من الإستخبارات الأمريكية فنشروها في شكل مقال في مجلة التايمز ولفقوا عبر المقال تهمة إستخدام السلاح الكيميائي للجيش السوداني بدون ذكر تفاصيل أو شهود على إدعاءاتهم وبالفعل تم تداولها من قبل عدة جهات ، وهاهو ماركو روبيو يعيد تدويرها من جديد بدون وعى أو إخطار حتى للمنظمة المنوط بها عمل التحقيقات في مثل هذه القضايا.
إذن هناك حملات من الضغط المتواصل على حكومة ترامب بسبب الأموال الإماراتية وهذه العقوبات هي رد فعل غير طبيعي على هذه الحملات وفي إعتقادي ستزداد ردود أفعال حكومة ترامب في الأيام المقبلة خاصة بعد الكشف عن السلاح الأمريكي في السودان ، هذا السلاح الذي أستلمه الجيش السوداني من المليشيا عنوة وإقتداراً في الصالحة وقبلها في جبل أولياء سيكون شاهداً على هذه الصفقات التي كانت تعقد على جثث ودماء السودانيين.
مايقارب ال ٣٠٠قطعة من صواريخ جافلين الأمريكية ، عشرات المدرعات من مسافات قريبة ومتوسطة، بنادق آلية أمريكية الصنع من طراز M4 وAR 15 بالإضافة لمدافع أمريكية ثقيلة طراز 155 ملم ؛ كل هذه الأسلحة صناعة أمريكية بإمتياز باعتها الحكومة الأمريكية لأبوظبي لتواصل حربها ضد الشعب السوداني فأمريكا لايضرها أن يُقتل السودانيين فلا يوجد لديها مصلحة مشتركة مع السودان لا سياسية ولا إقتصادية ولا حتى تاريخية لذلك فإن هذه العقوبات أيضاً لن تكون ذات أثر كبير على السودانيين الذين تعودوا على التعامل الأمريكى الفظ تجاههم .
كل مايهمنا في هذه الحرب هو السلاح الأمريكي الذي بات في عهدة الجيش السوداني وصناعاته الدفاعية وأمريكا تعلم ما هو الجيش السوداني؟ وماهي صناعاته الدفاعية؟ تعلم أنه في غضون أسابيع أو أشهر ستعاد صناعة هذه الأسلحة الأمريكية بأيادي سودانية خالصة فعقيدتنا القتالية الجديدة ستكون هجومية بإمتياز هذا على أقل تقدير إذا لم يفكر السودان بعرضها على سوق السلاح الشرقي روسيا والصين وآخرين وستكون خسارة كبيرة لمجموعة “رايثيون” و”لوكهيد مارتن” الأميركيتان المسؤولتان عن صناعة هذه الأسلحة.
ختاماً على شعبنا أن يعي جيداً أنه لا شئ سيوقف قطار الإنتصارات المتسارعة للجيش السوداني سواء عقوبات أو غيرها هذه الانتصارات التي تعكس حجم الإصرار والعزيمة لإكمال خيار الحسم العسكري والقضاء تماماً على التمرد ، وكذلك تحرز الحكومة تقدماً سياسياً توجته قرارات مجلس السيادة بتعيين رئيس وزراء مدني مستقل بكامل الصلاحيات ، الإنتصارات العسكرية والسياسية ستكون الرد الشافي على عقوبات ترامب وستكون كذلك الضربة القاضية للدويلة وعملاءها وكما يقول اهلنا “لسه الغريق قدام “.
اللهم برداًوسلاماًعلى السودان