الموت بالرصاص الطائش اجهاض الاحلام من بوابة الفوضى تقرير عثمان الطاهر

تمسح على قسمات وجهه بحنو وتتقاطر الدموع من مقلتيها غير مبالية بأصوات الفضوليين الذين يسارعون بطرح أسئلة من شاكلة “دا مالوا والضربة دي شنو “، جلست والدة طفل اصابته رصاصة طائشة
على أحد المقاعد العمومية بالمشفى في منطقتها املا في حضور طبيب يخبرها بأن حالة صغيرها مطمئنة وان كل ما حدث يمكن تداركه عبر وخز الإبر وبعض الأدوية علها توقف نهر الدم الذي تدفق إلى ملابسه، لم تكن تعلم أن الرصاص الطائش سيعصف بأحلام صغيرها الذي كان يمني النفس بالعودة للدراسة مع رفاقه بعد غياب أكثر من عامان، لوهلة أغمض عينيه لكنه لم يستطيع أن يستإنف حضوره في الحياة ليودع والدته بنظرات هادئه ساكنة لكنها كانت تحمل في طياتها شارات الوداع.

حادثة محزنة

وابتدرت فاطمة الخير من مواطني منطقة شرق النيل حديثها والعبرة تخنقها مترحمة على فلذت كبدها ذو السبع أعوام الذي توفي إثر إصابته بطلق ناري طائش،وأبدت أسفها الشديد على الواقعة التي وصفتها بالمحزنة بعد أن فقدت صغيرها الذي كان يتطلع لغد مشرق الا ان الرصاصة الطائشة بددت أحلامه في ظلمات الحياة الموحشة من خلال موت الفجاءة ، وأكدت ل(ريتيرن نيوز) أن صغيرها كان يريد أن يخلد للنوم بعد يوم مصحوب باللهو والمرح مع أصدقائه في الحي، ونوهت إلى أنها توجهت به للمستشفى الا أن روحه صعدت لبارئها، وأبدت أملها في أن لا تكرر الحادثة مرة أخرى لاسيما وأن فقد الأبناء ليس باليسير على الوالدين وان من ذاق مرارة فقد أحد صغاره لايتمنى
لأي شخص بأن يكون في ذات الوضع، وانتقدت إطلاق وابل من الرصاص دون مناسبة من قبل بعض الجنود، وطالبت القوات المسلحة بوضع حد لهذه الظاهرة على الفور تفادياً لفقدان مزيد من الأرواح البريئة، ونبهت إلى أهمية أن يكون انتشار السلاح في أيدي النظاميين فقط نظراً لما يتمتعون به من حكمة في كيفية إستخدم السلاح الناري.

عدد لايحصي

وفي الأثناء كشف العديد من المواطنين أن هنالك عدد لايحصي من الناس قد لقوا مصرعهم في وقت ماضي بسبب وابل الرصاص الطائش خاصة في المناطق التي كانت تخضع لسيطرة الدعم السريع، لكنهم شددوا في الوقت ذاته على ضرورة وضع حد لهذه الظاهرة التي وصفوها بالمزعجة والخطيرة بعد تحرير الخرطوم ، وأكد أحد المواطنين فضل حجب أسمه في حديثه ل(ريتيرن نيوز) أن الجيش قادر على حسم هذه الظاهرة على الفور من خلال تدابير محددة وضوابط بعينها لاستخدام السلاح الناري في الأحياء ووسط المدنيين لاسيما في المناطق الطرفية بعد الإعلان الكامل لتحرير الخرطوم ، ودعا والي الخرطوم والجهات المختصة للتعاون والتعاضد مع المواطنين من أجل التخلص من ما أسماهم ببعض الفوضويين الذين يرغبون باشانة سمعة القوات المسلحة والنظامية.

تزايد الحالات

وبالمقابل كشف طبيب يعمل بمستشفى حكومي ل(ريتيرن نيوز) بأن هنالك تزايد في حالات الإصابة بالرصاص الطائش في الأونة الأخيرة مما يستوجب وضع تدابير أمنية مشددة على منسوبي القوات النظامية من أجل حسم الظاهرة على الفور، وأشار إلى أن انه بعد تحرير العاصمة الخرطوم يمكن ردع من وصفهم بالمتفلتين بسبب أن ذلك سيؤدي لعدم عودة المواطنين لمنازلهم ويشعرهم بعدم الأمان، لافتاً إلى أن هنالك العديد من المواطنين تعرضوا للإصابة بالرصاص الطائش داخل منازلهم وأثناء عبورهم للطريق، مشيراً إلى أن بعض الحالات لم يتمكنوا من اسعافها نظراً لخطورتها.

تهديد خطير

وعن تأثير إطلاق الرصاص الطائش يرى الخبير الأمني الفريق محمد بشير سليمان أن امتلاك الأسلحة النارية خارج المؤسسات ذات العلاقة الأمنية ، أو الأفراد الذين مرخص لهم بها ، من أخطر مهددات الأمن والسلامة الاجتماعية لجهة أنه ينعكس على هيبة الدولة ويعطي مؤشراً سالباً لضعف القانون والجهات القانونية التي تقع عليها مسئولية أمن وحماية المجتمع ، وقال سليمان في معرض حديثه ل(ريتيرن نيوز) أن انتشار الظاهرة وتمددها يتطلب إجراءات حاسمة وعاجلة تضع الأمور في نصابها السليم ، وتحد من مهدداتها التي انتشرت على مستوى السودان ، وذلك ما يجب أن يعطى الاهتمام الكامل ، وحول التدابير اللازمة يؤكد سليمان انه يجب ألا يسمح حتى للجهات العسكرية ومن يعاونها أن يحمل أفرادها السلاح البتة ، وأن يوضع في مستودعاته عند الإجازات وزيارة الأهل والأصدقاء الاجتماعية ، خاصة مع ظروف الحرب الدائرة الآن والتي لا شك دفعت بالكثير من المواطنين للسعي لاقتناء السلاح بطرق غير مشروعة لحماية أنفسهم وممتلكاتهم من عمليات السطو والنهب التي تمارسها العصابات وبعض المجموعات المسلحة ، محذراً من مغبة الأمر باعتبار أن عدم تداركه عبر اجراءآت قانونية وتنفيذية حاسمة قد يتطور ليكون مهددا للأمن القومي ، وتابع قائلاً “هذا مع أهمية الإعلام والتوجيهات المستمرة ، والمراقبة والمتابعةلبتر هذه الظاهرة تماما” .