✍️ لـوء رُكن ( م ) د. يونس محمود محمد
هذه المقابلة والمضاهاة بين رمزيتين لأداةٍ واحدة هى ( العصا ) إحداهما للإستعراض والتباهي والتبختر وهي عصا العز، الملساء المصقولة، والموشاة بالنحوت والتراسيم والوشوم في صورتها الخارجية، وغالب إستخدامها للهش ، والتأشير ، والتبشير،
ولكنها هشّة في تكوينها الداخلي، غير مصمّتة ولا قويّة ولذلك جرى المثل وقضت الحكمة بألّا تضرب بها لأنها ليست أهلًا لذلك ولن تُحقّق المُراد وستنكسر وتفقد خاصيتها، وهذا ما مثّلته قوات الدعم السريع في يد قائده ( حميدتي البعاتي ) وكل من تعلّق بذلك الشيء الذي كان.
وأمّا العكّاز المضبب فهو عود القنا القويّ المصمّت من الداخل، ليس به فراغاتٌ ولا هشاشة، يتم إلباسه جلدٌ من ( ذنب التور ) حتى يجفّ عليه، فيزيده تماسكًا على تماسكه، وهو أغبش زهيد المظهر لكنّه إذا ضرب فإن اذاه سيكون بالغ القسوة، يكسر العظام ولا ينكسر، يحطّم الضلوع ويكتم الأنفاس، وهذا تمثّل في ( الجيش ) في يد الشعب السوداني.
إن مشاهد الإستعراض التي شاهدها الناس مُنذُ أن جاءت أحداث الشؤم التي غيّرت وجه السودان، شاهدوا ( حميدتي ) محتفيا بالتخاريج، والحشود في المناسبات المختلفة، وصفوف من الجُند ( لابسين قيافة ) وأرتال من سيارات القتال المجهّزة بالشدّة الكاملة، وطقوس مراسمية وأُبهة ورياش مُصطنع ليعرف إنه العز في شكل ( عصاية ) يحملها هذا الجهلول المتنمر، ويومئ بها على وجه الشعب مرات في خطاباته المشهورة المهدّدة للناس وتوعّدهم بالويل والثبور.
والشعب الصابر على الأذى يتحسّس عكازه المضبب ولكن تمنعه حال الطاعة لولي الأمر وإلتزام القانون أن يبتدر العراك، حتى إذا بلغ الغرور منتهاه بحميدتي وسوّلت له شياطينه بأنَّ الأوان قد حلّ ومغارب شمس دولة ٥٦ قد أذنت بالرحيل تلملم أطيافها وتطوي صفحات تاريخها، وتركب سُبل النجاة، ليشرق الوعد بالفجر ( الكاذب ) ليؤم حميدتي الجموع في محراب الجنيدية، وعليه من الإطاري مسوح العلمانية الجريئة على الله.
فأثاروا حميته وأوغروا صدره أكثر مما هو موغرٌ بالكراهية والغدر، وظنَّ أنّه قادرٌ على فعل ذلك بضرب السودان ضربةً واحدة فيقضي عليه، لتنشأ على أنقاضه ( دولة المؤامرة ) وقد فعل، ضرب بكل عنفوانه، أفرغ كُل ما في جُعبته من أحقاد، تجاوز كل معروف القتال وحُرمات المدنيين، وأعيان الدولة والبيوت، أطلق شياطين قومه ليمعنوا في الإفساد
وإنتظر لحظة الإنهيار، وإستلام البرهان وهزيمة الجيش وخضوع الشعب.
نعم أحدثت عصاه شرخًا في الوجه ونزيفًا داميًا في الرأس ودمعًا ساخنًا بالأذى، لكنها لم تقضي أبدًا على الإرادة القتالية للشعب السوداني وجيشه العظيم
الذي إستخدم ( العكّاز المضبب ) وضرب به فكسر عصا العِز، وأصبحت شلوا غير ذي فائدة في يد حميدتي، حيثُ تفرّق الجمع، وتبخّر الحلم، وحتى الشعار المرفوع بين أصبعين ( إما نصر أو شهادة ) تم رميه والتخلّي عنه مباشرةً، فلا النصر تمّ تحقيقه ولا الشهادة صبروا في القتال حتى تتحقق.
والشعب عرف الحقيقة أنَّ ما كان إسمه الدعم السريع لم يعُد شيئًا يُخيف أحدًا من الناس، وما فعله في أيام الغفلة وعدم الإستعداد لن يجرؤ على فعله مرةً ثانية ولو كان بعضهم لبعضٍ ظهيرًا، فالقُرى التي تعافت من إجتياحاتهم قد إكتسبت مناعةً أبدية ضدهم إلى يوم الدين، وأخذت عهدًا على نفسها ألّا يحدث ذلك مجددًا بحول الله ثم الإستعداد والحذر، وأنَّ جُبن عناصر الدعم السريع قد بان وتأكّد للناس أنهم أجبن من نِعام أربد يفرُّ من صفير الصافر، وأنَّ قيادة ( حميدتي البعاتي ) من وراء الإفتراض والأسافير لن تحقّق مطلوبات القيادة، وأنَّ الدعم الإماراتي إنما جاء ( جبايةً ) للسودان ولكن بعنوان الجنجويد، الذين تسلّموه ووضعوه في المخازن ليتسلّمه جيش السودان.
نقول ذلك وقد ظهرت بعض الفيديوهات تستعرض ما تبقّى من الدعم السريع من عربات قتال، إستخدامًا للحرب النفسية، وتشتيتًا لجهد القوّات المسلّحة ولكن هيهات، فقد فات الأوان وإنكشف المستور وإنكسرت عصا العز، والعكّاز المضبب ما يزال في اليد والضراع الأخضر الممتلئ بالرجولة الحقة والفدائية والتصميم.
ويكفي الجنجويد خزي هروبهم المُشين وتخلّيهم عن كل ما أعلنوه وتناوشهم فيما بينهم الآن بعد الهزائم وغياب قادتهم، وتململ حواضنهم لما سمعوا وقع متحرك الصيّاد نحوهم وما رزاهم من البلايا ما يستحقون خزيًـا في الدُنيا وعذابًـا في الآخرة بعدل الله تعالى.
فيا معشر من بقي من أعقاب المليشيا:
لا طاقةَ لكم ولات حين مهرب فقد قُضيّ الأمر وتحقّق نصرُ الله لعباده المؤمنين، ولن تُغني عنكم تداولات الكذّابين في الإمارات وإعلامها الفاجر، فهُم إنما يضحكون على جهلكم ويسخرون من غبائكم، بينما تنتابهم هواجس الخوف مما يرونه في يد الشعب السوداني الأبيّ (عكّازا مضبّبًا ) هو جيشه يُدمي كُل رأسٍ فاجر، ويكسر كُل يدٍ تمتد بالسوء على وطن الجدود.
فالحمد والثناء لله رب العالمين الذي سلّم السودان من هذا الأذى