الخرطوم الأمن والتردي البيئي وإنعدام فرص العمل. تحديات تعرقل عودة مواطنيها

بورتسودان :عثمان الطاهر

شيئاً فشيئاً بدأت تعود مظاهر الحياة بالعاصمة الخرطوم
عقب تحريرها من قبضة مليشيا الدعم السريع التي نالت الحظ الأكبر من مظاهر الخراب والدمار للبنية التحتية جراء الحرب ، لكن المواطنين يحدوهم الأمل في إستعادة حياتهم الطبيعية وعودة دولاب العمل ورسم مظاهر الزحام والضجيج مرة اخرى بالشوارع والطرقات وتنفس الصعداء بشكل جاد على المستويين الرسمي والشعبي تظل الآمال معلقة لرسم صورة مغايرة للواقع الحالي بسواعد جميع السودانيين ليكون عنوان المرحلة القادمة كبح جراحات الماضي الأليم ونظرة بعين الأمل، حيث يعاني الكثيرون من عدم فرص العمل بسبب نقل مؤسسات الدولة للعاصمة المؤقتة بورتسودان ، وعلى الرغم من أن بعضهم سارع بالعودة طوعاً فور إعلان تحرير الخرطوم لكن الكثير من المواطنين لديهم تحفظات في العودة في ظل عدم وجود فرص عمل وانتشار الجريمة بشكل مزعج حيث باتت ولاية الخرطوم تستيقظ في كل صباح جديد على واقع جريمة قتل غادرة على يد بعض المتفلتين أو عصابات تسعة طويلة اخرها جريمتي القتل المروعتين الاسبوع الماضي. فضلا عن إستمرار التدهور البيئي بسبب تراكم الجثث في شوارع اغلب المناطق في الخرطوم خاصة بعد دخول فصل الخريف ولذلك يمكن أن يتحول الوضع البيئي الى وضع كارثي حيث ستقوم مياه الامطار والفيضانات بجرف الجثث ان لم تقم الحكومة وجمعيتي الهلال والصليب الاحمر باكمال دفن الجثث المتراكمة لمنع انتشار الامراض خاصة وإن الخرطوم مازالت تتعافى من موجات الكوليرا وحمى الضنك اللذين فتكا بارواح مئات المواطنيين

مناشدات رسمية

حكومة ولاية الخرطوم لطالما كررت الدعوات عبر لسان والي الخرطوم وناشدت المواطنين بالإسراع للعودة لمنازلهم من أجل الإعمار وإعادة مظاهر الحياة، كما ناشدت التجار الذين يمتلكون محال تجارية في مختلف أسواق الخرطوم بالعودة لتهيئة المتاجر ونظافتها والعمل على صيانتها، لكن تلك الدعوات قد يصعب الاستجابة لها الوضع الأمني الذي يجب ان يكون أكثر إحكاماً وقبضة من قبل شرطة الولاية بالتعاون مع الأجهزه النظامية الاخرى، ويقول أحد مواطني الحلفايا في حديثه ل(ريتيرن نيوز ): صحيح أن هنالك الكثير من المواطنين قد عادوا إلى منازلهم وبعض التجار أعادوا فتح محالهم التجارية فيما فضل بعضهم البقاء بالولايات ريثما تستقر الأوضاع بشكل كامل، وأشار إلى أن هناك من يرفضون العودة بسبب عدم توفر فرص العمل وان تكلفة إنشاء مشاريع خاصة تتطلب توفر المال الكافي في ظل التردي الاقتصادي الكبير الذي تشهده البلاد، منوهاً إستحالة استجابة المواطنين
للعودة لمزاولة اعمالهم وحياتهم بصورة طبيعية بالعاصمة
دون تحقيق الأمن
وناشد الأجهزه الأمنية بتكثيف حضورها بالشوارع والطرقات لتحقيق الأمن والاستقرار بشكل كامل.

تحذيرات المشتركة

وبالمقابل حذرت القوة المشتركة بكافة محاور العاصمة القومية بمدنها الثلاثة كافة المواطنين من انتحال صفتها واستخدام اسمها في ارتكاب أعمال النهب والسرقة وترويع الآمنين داخل ولاية الخرطوم،وكشفت في بيان اطلع عليه (ريتيرن نيوز) عن تمكنها مؤخراً من ضبط ثلاثة أفراد ينتحلون صفة عناصر القوة المشتركة تم تسليمهم إلى استخبارات القوات المسلحة السودانية لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحقهم، ودعت المواطنين إلى توخي الحذر، والإبلاغ الفوري عن أي تجاوزات أو انتهاكات ترتكب باسم القوة المشتركة،وأكدت أنها لن تتهاون مع أي محاولات لزعزعة الأمن أو تقويض السلم المجتمعي، واكدت القوة المشتركة ان اي أعمال نهب أو سرقة أو إرهاب ضد المواطنين لا تمثلها، ولا تتوافق مع المبادئ والأهداف التي تأسست عليها قوى الكفاح المسلح.

منع الجريمة

ومن جانبه يؤكد المحلل السياسي مصعب محمد أن من أهم الاشياء التي تشجع على العودة الطوعية للمواطنين هي بسط الأمن ومنع أنتشار الجريمة بمختلف أشكالها، ونبه في حديثه ل (ريتيرن نيوز ) إلى أنه بدون الأمن لن يكون هناك استقرار بالبلاد ولن يعود الناس لأماكن تمثل خطراً على حياتهم واستدرك قائلا (لكن في هذا الشأن تقوم حكومة ولاية الخرطوم بحملات كبيرة الهدف الأساسي منها تحقيق الأمن )وشدد الى ان بسط الأمن بالإضافة الى توفر الخدمات الأساسية كالمياه والكهرباء من أهم المتطلبات التي تشجع عودة المواطنين وبالتالي تدفع المواطنين الى الاسراع في فتح مشاريع يتحصلون بها على قوت يومهم واكد أن عدم توفر فرص العمل فعلاً من الأسباب التي تؤخر عودة المواطنين، وذلك يرجع لعدم عودة القطاعات الحكومية والخاصة واردف (كذلك عدم استئناف نشاط المصانع التي تأثرت بالحرب ومع إكمال صيانتها واعمار ما دمرته الحرب يمكن أن تكون العودة بصورة أكبر بالإضافة للجامعات.)

أسباب عدة

ولم يذهب بعيداً عن ذلك الخبير العسكري الفريق محمد بشير سليمان حيث أكد أن الأمن يعتبر أساس الحياة سلاماً واستقراراً ، ليس للإنسان وحده بل حتى للحيوانات، وعليه تؤسس الحياة المدنية بكافة مناشطها التي تحتاجها الحياة وتقوم عليها، وقال في معرض حديثه ل(ريتيرن نيوز) :إن الحقيقة المؤكدة لذلك تتمثل في أن عدم الأمن كان السبب الرئيس الذي دفع بإنسان الخرطوم ، بل كافة أهل السودان لإن يتركوا ديارهم واوطانهم ويغادروها أما نازحين ، أو مهاجرين لأسباب عدة منها المهدد الأمني الأول، بجانب الممارسات اللأ نسانية واللاخلاقية التي انتهكت بها ما وصفها بمليشيا الدعم السريع لكافة مجالات الحياة الإنسانية بولاية الخرطوم وكافة مدن السودان” ، وأشار إلى أن الهلع أصاب المواطنين وخلق لديهم شعور بعدم الطمأنينة مما دفعهم أن يتركوا أعمالهم التي يسعون من خلالها لتأمين مطلوباتهم الحياتية والمادية والأختفاء أو الأحتماء بداره لم يكن يحقق نجاة له ولأسرته ، بل هو الموت والقتل بكافة أشكاله ، مع النهب ، وانتهاك الأعراض ،  وتعدد في أصناف التعذيب،وذكر أن المواطنين غادر ديارهم إلى حيث تقودهم أرجلهم المرتجفة خوفاً مما قد يحدث ، مشدداً على أن فكرة العودة الآن فسوف تكون  مرتبطة بتأكيد تحقيق الأمن اولاً واخيراً ، وهذا ما يتطلب إعطاء الأسبقية الأولى لدى الجهات المعنية والمسؤولة ، ودون ذلك فلن تتم العودة المطلوبة ليبدأ دوران الحياة استقراراً وسلاماً وامناً تتم بها العودة الآمنة للديار والوطن .

عودة ضرورية

وعلى صعيد متصل يذهب الخبير الاقتصادي محمد الناير بالقول إلى أن العودة الطوعية للمواطنين ضرورية بسبب ان المسؤولية لن تقع على الدولة وحدها وان المواطنين أنفسهم مطالبون بالشراكة مع الحكومة وحذر الناير في حديثه ل(ريتيرن نيوز ) الجميع من انتظار الدولة لتقوم بتهيئة المناخ للعمل كما كان قبل الحرب، واقر بأن عودة المواطنين لمنازلهم ستساهم بشكل كبير في عودة الحياة لطبيعتها خاصة في المناطق المتأثرة بالحرب بشكل كبير، لافتاً إلى ان تواجد المواطنين سيلعب دوراً كبيراً في تحقيق الأمن بالتعاون مع الأجهزة الأمنية نظراً لما تقوم به في تحقيق الأمن والاستقرار، مشيراً إلى أن المواطنين سيعودون لكن ربما يجدون بعض الخدمات غير مكتملة أو غير موجودة الأهم هو المياه في الأول ثم الكهرباء والصحة والتعليم تباعاً وهي خدمات أساسية وضرورية للمواطنين، موضحاً أن بعض المواطنين بذلوا مجهودا كبيراً من خلال تضافر الجهود، وبحسب الناير من خلال تشغيل آبار المياه عبر الطاقة الشمسية، مبيناً ان هذا لايعني أن الدولة ستقف مكتوفة الأيدى لكنها ربما ستعمل على معالجة شبكات المياه بصورة كلية، فضلاً عن توفير المياه والكهرباء و من خلال فتح المراكز الصحية والمستشفيات وفتح المدارس والجامعات ، وذكر أن ذلك ربما يلقي بالمسؤولية بشكل كبير على الدولة كما أن تواجد السكان بالأحياء سيحقق الأمن والاستقرار بشكل كبير وبذل مجهود إلى جانب المجهود الذي ستقوم به الدولة، داعياً المواطنين بالعودة للمنازل من أجل تحقيق الاستقرار كما دعا الدولة لتوفير الحد الأدنى من متطلبات الحياة، منوهاً إلى أن المدارس ستبدأ بالعمل أيضاً وأن كل ذلك سيحقق الاستقرار، كما ناشد المواطنين بابتكار مشاريع صغيرة حتي إذا كانت بقليل من الإمكانيات مما يساهم في النهوض بالبلاد.