✍️ لـواء رُكن ( م ) د. يـونس مـحمود مـحمد
لا يُنبئك مثل خبيرٍ ، في تأبين الشهيد الشهم الناظر عبد القادر منعم منصور ، قال وزير الخارجية السوداني عبد المنعم سالم ، بعدما قدّم القسم العظيم بين يدي كلامه :
اذا كُنتم تنتظرون دعمًا من العالم الخارجي فعلى الدُنيا السلام، ولا صوت يعلو فوق صوت المعركة.
هذا حديثُ المسؤول الاول عن ادارة ملف العلاقات الخارجية، وهو بحُكم الوظيفة يُدخِل يده في جراب الآخرين ويبحثُ عن ضالة بلده، ويختبر فحواهم ويستكنه نواياهم، ويتعرّف على مدى استيعابهم للمشكل السوداني والاحاطة بتعقيداته، واستعدادهم لتقديم العون والمُساعدة في نصرة الحق الابلج الى جانب الدولة السودانية الموحّدة والحكومة الشرعية القائمة، والشعب الذي عانى من ويلات الجنجويد، لكن الرجل اي وزير الخارجية تأكّد له بما لا يدعُ مجالًا للشّك أنَّ الامر ليس بهذا التقدير والانصاف والموضوعية، وليس ثمّة حافز اخلاقي يبسط بُعده على العلاقات ( المدعاة ) بين الدول والاشقاء والاصدقاء برغم وضوح الرؤيا كفلق الصباح، ولكن تبقى هنالك ( نظاراتٌ ملوّنة ) على عيون هؤلاء ان لم تكُن عصائبَ سوداء حتى لا يروا وجه الحقيقة فتُحرجهم، ولعلَّ السيّد الوزير مُحي الدين سالم وهو ابن الخارجية وابن سرحتها الذي غنّى بها كما قال التجاني يوسف بشير رحمه الله في معهده:
”يُدركُ جفاف العواطف في هذه القلوبِ اليابسة كصيفٍ سنيّ المحل، ويُدرك القُدرة على الصدود والتمنُّع حتى اثناء الابتسام الانيق والمجاملات السخيّة الكلام“
حتى اذا حزب الامر ودخل الكلام ( الحوش ) وتطلب العون للوقوف في وجه التآمر وصدّ غوائل الغزاة، وتحرير المُدن المغتصبة، ووقف نزيف الدم، عزّ النصير، وضلّ من تدعون الّا الله الواحد الاحد سبحانه وتعالى، حيثُ يستطيع هؤلاء ( المُلُس ) التملّص منك بسهولةٍ ويُسر، بل ويقدّمون لك البدائل المغلّفة والمختومة والتي تكون الحربُ اهونُ منها وقعًا على أفئدةِ المكلومين وهم يساوون بينك والجلّاد ويقترحون عليك التفاوض مع من قتل الاب، واغتصب الام، واسترق الاخت، وسرق البيت، ووثّق كُل ذلك وبثّه في الميديا وهو فكه يقهقه ليعود من جديد الى القصر الجمهوري ومعهُ الرديف القحّاطي بكُل قُبحه ولؤمه ووضاعته ليتحكّم في بقيّة حياتك ويشكّل مستقبل وطنك بما استحفظ من الكُفر والفسوق والعصيان.
نعم سعادة السفير وفي مقامٍ مهيب في تأبين رمزٍ باذخٍ من الرجال الافذاذ الذين اوفوا ما عاهدوا الله عليه حتى قضى نحبه ولم يبدل تبديلًا، الامر الذي يُلبس الكلام خوذة القتال ولامة الحرب، ويُسقط حواشي الوقيعة والوضيعة الداعية للدنية في الدين والدنيا.
فالعالم تحكُمه المصالح لا المبادئ، وتهيمن عليه قوى باغية باطشة هي من سعي لهذا الخراب، ووفّر سُبله، ودرّب عناصره، وادامه بكل الاحتياجات، ويُداري عنه بهذا الاعراض المتعمّد عن دعم السودان او حتى الاعتراف الصريح بحقّه في الدفاع عن نفسه كما هو الحال مع الربيبة دولة الكيان.
الرسالة بالغة الاهمية وفصيحةٌ بما يكفى ليُسدل الناس ستارًا كثيفًا يحجبُ الرؤيا والتطلّع في هذا الاتجاه، وأن يقبلوا على انفسهم، يشحذون هممهم، يوظّفون مواردهم، يستلهمون قيمهم، ولا تنقصهم البسالة والفدائية، فنحنُ ركّاب السروج في العتمة، تاريخنا عامرٌ بالمآثر والبطولات، لن يضيرنا هؤلاء الاشرار كما قال عنهم شيخ الاسلام ابن تيمية الغرباء الطارئون ولقد اخرجهم جيش السودان واقتلعهم من حيثُ كانوا منتشرين كالوباء السرطاني في جسد الوطن، وما بقي الا منافذ يحلمون بالعودة من تلقائها وانّى لهم التناوش من مكانٍ بعيد، فتلك محضُ اماني ما هُم ببالغوها بحول الله.
القيادة التي اكّدت مراتٍ ومرات على وحدة الهدف السوداني العام الذي عليه امر الجماعة ولا اختلاف عليه هو سحقُ الجنجويد والقصاص منهم، وحرمانهم الى الابد من ايّ دورٍ في حياة اهل السودان جزاءً وفاقًا للجرائم البشعة التي هزّت ضمير العالم الحُر ( غير الرسمي ) الذي تعاطف مع قضيّة السودان وادان عدوانية الجنجويد الاوباش.
فالافضل ان يطوي السودان اوراق العون الخارجي ويقبل بكليّاته على تسوية امره بالوجه الذي يعرفه وهو ( البَلْ )
حتى القضاء على هذا الداء المسمّى الجنجويد والقحّاطة وليس ذلك على الله بعزيز، ووقتها ستنهالُ التهاني والتبريكات من المجتمع الدولي صاحب الابتسامة الماكرة.
{وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ۚ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا}
