✍️ لـواء رُكن (م) د. يـونس محـمود محمد
السودانيون في عرضِ بلاد الله وطولها شرقًا وغربًا ومع اختلاف التوقيتات وتباعد البون والمسافات، ومع تطاول الأمد الذي يسبلُ على القلوب شيئًا من القسوة وران النسيان، ورغم قسوة الظروف وضيق الحال، وقتر الرزق في ظروف الهجرة والتنقّل، رغم كُل هذا وزيادة الّا أنّ تلك المدائن الباردة شهدت حراكًا جاهر الصوت، مسنودًا بالحق والانتماء لهذه الأرض السمراء التي أقلت بارزاق الله المودعة فيها، التي حوت مثاوي الأسلاف العُظماء، خرج مئات الآلاف متدثرين بعلم السودان، يندّدون بجرائم الجنجويد، وخرج معهم احرار العالم وما أكثرهم وما اروعهم وهم يحملون اللافتات المعبّرة عن نصرة أهل السودان وادانة المجرمين القتلة المغتصبين الذين آذوا الشعور الانساني تمامًا مثلما آذاه الصهاينة اليهود في الكيان المجرم، فصدحت الحناجر الحُرّة، وعزفت الالحان الوطنية وتوحّدت المشاعر حتى اصبحت المُدن الاوربية شاهدةً على مجريات الاحداث في السودان.
تفتّقت قرائح الشُعراء عن القصيد المنظوم، والادباء عن المنثور والمغنّين عن الالحان، والرسّامين عن اللوحات المعبّرة بالريشة والالوان، والتصاميم عن توثيقات البطولات السودانية ممثّلة في جيش البلاد وداعميه من جانب، وفي دناءة الجنجويد واجرامهم من جانبٍ آخر.
وهذا هو السلوك السويّ بمعايير الدين والاخلاق والسويّة والفطرة الانسانية المُشتركة بين البشر اجمعين، لا يخرج عليها الا مطموس الاعين، اصمّ الفؤاد، اعمه البصيرة، اغلف القلب، ولهذا لم يُقام في الدنيا كلها حفلٌ واحد يمجّد افعال الجنجويد، ولا شاعرًا واحدًا حتى من شواعر اليساريين امثال ازهري الذي صدعنا بقصائده في ذم النظام السابق وشبقه بشعارات الحريّة بفهم اليسار، تبلّدت شاعريته في أن تُنتج بيتًا واحدًا يمجّد آل دقلو، ويذكّر بصولات قجّة بين ضُعفاء الجزيرة العُزّل، ويعلّي شأن التدمير للسودان، لم يدوزن فنان واحد اغنية تعزم على الناس تأييد الجنجويد، وتعدّد مآثرهم وتخلّد افعالهم، لم نشاهد لوحةً لرسّامٍ يجعلُ من دماء المغدورين اوسمةَ فخرٍ وعز على صدور آل دقلو الاشقياء المجرمين، وقياداتهم من المردة.
السؤال البديهي لماذا ؟
والاجابة لأنَّ الجنجويد في مجملهم ( ضِدّ الفطرة )
نعم، ضِدّ الفطرة السويّة في كُل شئ المنظر والمخبر، قتر الوجوه، وسمت الجريمة، القذارة والشعور والتشبّه، ولا مبالاة بحُرمة، ولا التزام بأخلاق، مع قسوة القلوب وعدم الرحمة والغباء والحمق الشديد، وكُل صفةٍ مذمومة تمثّلت فيهم، ولذلك هُم غرباء بعيدون تمامًا عن حقيقة الانتماء لهذا الشعب الذي يمضي في حرب الكرامة يدًا بيد مع القوّات المسلّحة، والمُشتركة، والدرّاعة، والبراؤون، والأمن، والشُرطة، وسائر المستنفرين.
فكُل أهل السودان اليوم في معركة ( الكرامة ) كُل من ثغرته، حتى النصر القريب بحولِ الله وقوّته.
فلا تفاوضَ البتّة مع هؤلاء القتلة.
لا تسامح معهم.
لا نسيان لأفعالهم المشينة والمهينة للناس.
بَـلْ بـَسْ .
