✍️ لـواء رُكن (م) د. يـونس محمود محمد
إن إستخدام الطيران المسيّر ( الدرون ) ليس أمرًا جديدًا في الصراعات العسكرية بين الدول، إذ دخلت هذه الوسيلة إلى سوح الحروب والصراعات منذُ الحرب العالمية الأولى، بالتحديد في العام 1917م بواسطة القوّات البريطانية، وكان لأمريكا سبق الكشف عنها في القرن التاسع عشر 1849م حيثُ إقتصر الإستخدام كأهداف للتدريب، ثم تلا ذلك تطوّر متسارع ليُصبح الطيران المسيّر من أنجع الأدوات لجمع المعلومات ( الإستطلاع )، وتحديد الأهداف، وتصوير المواقع، وتوزيع المنشورات ( الحرب النفسية ) كما حدث في حرب فيتنام 1962م والتجسّس على الصين وكوريا الشمالية.
ثم تمتّع الجيل الحديث من هذه الطائرات بخصائص فائقة الأثر من حيثُ إرتفاعات التحليق والمسافات، ودقّة تحديد الأهداف (GPS ) وإستخدام المستشعرات والذخائر الموجّهة بدقّة، والحوسبة والكاميرات التلفزيونية، غير أنّ إستخدامها له دائما تبعات ( قتل المدنيين ) وبالتالي لإستخدامها محدّدات أخلاقية، لا يُعبأ بها في الغالب.
هذا من جانب الدول، لكن غير المألوف أن يستخدم الجنجويد الطيران المسيّر وبهذه الكثافة والتنوع، والقُدرة على إختراق نُظم الحماية الأرضية ( المضادّات ) وأجهزة التشويش، الأمر الذي يؤكّد بلا أدنى شك أنّ هذه العصابة هي مجرد واجهة لدولة ( الإمارات ) وعندما تُذكر الإمارات يحضر الشيطان ( الصهاينة ) ويتم تجاوز المعروف في العلاقات بين الدول ونصوص تنظيمها لتُصبح الغاية مبررةً للوسيلة مهما كانت هذه الوسائل، فالقتل الذي مارسته المليشيا والدمار الذي خلّفته خلال عامين فقط يضاهي خراب دول خاضت حروب لعقود السنوات، والبطش الذي إرتكبته المليشيا يؤكّد غايات المؤامرة العظمى، وهي تدمير ( الدولة السودانية ) لضمانات الأمن الإسرائيلي على المدى الإستراتيجي الذي تخدمه في هذه المرحلة ( الإمارات ) كوكيل حصريّ للصهيونية في أخبث خططها، وشراء ذمم القادة الأفارقة ( الرخصاء ) حتى يسهّلوا حركة الإمدادات وصُنع طوق معادي للسودان.
المليشيا التي كانت ملئ السمع والبصر في كامل شدّتها ك، وسلاحها ومقاتليها، والمسيطرة على أغلب رقعة الخرطوم المساحية وكل ولاية الجزيرة، وأجزاء واسعة من سنار والنيل الأبيض، والقضارف، وفي مخازنها كميّات وافية من كل شيء وتجهيزات نوعيّة، لم تتيسّر للقوات المسلحة؛ حيثُ كان المأمول بحسب ( معادلات القوى ) أن تُكمل السيطرة على الوطن، وتسلّمه للصهاينة ووكيلهم الإمارات، ليجعلوه تابعًا ذليلاً، ولكن بفضل الله تعالى ثم حُسن بلاء القوات المسلّحة والشعب المساند بطل السحر، وفشل المخطّط، وهُزمت المؤامرة، وخرج الجنجويد كما شاهد العالم، حُفاةً، عُراة، خائفين، مقهورين، وتطهّرت الأرض من أرجاسهم مما زاد حنق أركان المؤامرة وتحسّسوا ( الجُعبة ) التي لم يبقَ فيها غير سهمٍ واحد هو ( سهم المسيّرات ) ولذلك أوتروه، كما هي أنفسهم موتورة، وترصّدوا مواجعهم من الأهدف التي حُرموا من الإقتراب منها ، ( الشمالية ونهر النيل ) ولذلك أصبحت أهدافًا غير أخلاقية لطيران الإمارات المسيّر الذي تديره بالضرورة أيدي وخبرات لا تتوفّر في الجنجويد، الذين إحتفلوا بجهاز ( قياس السكر ) على أنه جهاز إتصال للفلول، وأنها أي المسيّرات تنطلق من قاعدة أم جرس بعلم وتواطؤ الرئيس التشادي ( كاكا )، فكانت الأهداف سدّ مروي، ومخازن الوقود، والغاز، وأهداف عشوائية من مساكن المدنيين، علّه يشفي صدور هؤلاء المجرمين.
ولكن طيران الجنجويد المسيّر لن يتجاوز هذه المحطّة، لن تسعفه عمليات بريّة، ولا إحتلال مدينة أو موقع من جديد، بحول الله، وسيتم تحييد مطار أم جرس، فالقوات تزحف، وتتأهب للزحف نحو الفاشر، وليست نيالا بمنأى من الوصول، والجنينة على موعدٍ غير مختلف بإذن الله.
أما الراعي الرسمي للمليشيا فالطائرات المسيّرة موفورة، وبإمكانات ردّ الصاع ( صُوع، وصِيعان، وأصْوُع ) بكُل صيّغ الجمع، وعندها سيعرف أولئك أنّ السودان ( طيرٌ لا يؤكل لحمه ).
صحيحٌ أنّ لهذه الطائرات أثر، ولكّنه لا يُقاس بأثر السنتين من إنتشار الجنجويد في العاصمة والولايات، فالقوّات المسلّحة التي اخرجتهم لن تعجز بحول الله أن تُبطل مفعول هذه الضربات الخائرة الخاسرة التي تنم عن حقدٍ دفين، وأنفسٍ مريضة، وعزم خائر لن يفتأ أن يتداعى، كما تداعى مشروع المؤامرة الكبير ولم يبقَ منه غير ( طائرة مسيّرة تحملُ من الأوزار، والآثام، والحسد، وروح الإنتقام، أكثر مما تحمل من متفجّرات )
والشعب السوداني الذي صبر على أذاكم سنتين عجفاوتين حتى مهلككم وتعريدكم ( الشين ) قادر على الصبر حتى يجعل الله له مخرجًا من أذاكم وأذى داعميكم الشياطين.
والحساب ولد.
ولا عفو ولا تسامح حتى يلج الجمل في سم الخياط
والرهيفة التنقد.
