بكامل الهيئة ( خمسة عشر قاضيًا ) إنعقدت الجلسة الأولى لمحكمة العدل الدولية التابعة للامم المتحدة، للنظر والتداول في شكوى السودان ضد الإمارات بتدخّلها في السودان، ومشاركتها في الحرب لصالح المليشيا، بصورٍ مباشرة، بمشاركة عناصر من جيشها، وُجدت متعلّقاتهم في ميدان المعركة، وجثث وأوراق ثبوتية لمرتزقة ( كولومبيا ) لهم علاقة بالإمارات، وآخرين من تشاد، والنيجر، ومالي، والكنقو، وإثيوبيا، وجنوب السودان، جاء بهم مال الإمارات.
وغير مباشرة بالتحريض والدعم والإمداد بالأسلحة والذخائر، والأجهزة، والطائرات المسيّرة، والأغذية، والقواعد العسكرية ( أم جرس ) على الحدود التشادية، وقاعدة ( أويل ) في جنوب السودان 64 كلم من حدود السودان تحت غطاء المستشفيات والعمل الإنساني، حيثُ وثّق السودان كلما يلزم من الصور، والوثائق ومسارات وأرقام الرحلات الجوية، والحمولات، وطرق نقلها برًا للمليشيا، وقد جعل السودان محور شكواه ( إبادة المساليت في مدينة الجنينة ) حيثُ قُتل الآلاف في الفترة من أبريل إلى يونيو 2023م، وإمتلأت مقابر الغابة بمطامير الجثث المتفحّمة، وأُستبيحت المنطقة على الأساس العرقيّ، ومورست الإبادة في أسوأ صورها، وقُتل الوالي ( خميس أبكر ) ومُثل بجثته، ورقص حولها الجنجويد رقصة الموت، ( رجالاً ونساءًا ) في وحشية، ووثّقوا جرائهم بأنفسهم في نشوى وجنون.
وقد وجدت محكمة العدل الدولية في شكوى السودان من البيّنات ما يدعوها لقبولها من حيثُ الشكل والمضمون.
الأمر الذي يضع الإمارات في خانة المعتدي، المتجاوز للقوانين الدولية، والمواثيق التي تمنع إرتكاب هذه الجريمة ( الإبادة ) أو التحريض على إرتكابها، أو المساعدة في ذلك، أو التواطؤ بأي شكلٍ يساعد على إرتكابها، وكل ذلك فعلته الإمارات والعالم كلّه يشاهد عبر الوسائط، وقد أكّدت ذلك وكالات ذات مصداقية، وتقارير لمنظّمات دولية، وأجهزة إعلام، وشهود عيان ثقات، لا يمكن أن تتقاطع كلها في تجريم الإمارات جزافًا، حيثُ تُعد هذه الحادثة هي الثانية بعد شكوى جنوب أفريقيا ضد دولة الكيان الصهيوني ( إسرائيل ) بإرتكابها التطهير العرقي، والإبادة الجماعية في قطاع غزّة، بما يؤكّد علاقة الإمارات وتفانيها في تحقيق الحلم الصهيوني بالسيطرة والسيادة على المنطقة العربية والإسلامية بشهادة ما جرى في محاولة الإنقلاب في تركيا، وحرب اليمن، وسوريا، وليبيا، والسودان، كلّها تصبُّ في مصلحة ( الكيان الصهيوني ) وكلها بالتدخلات الإماراتية وأموالها، فليست الصُدفة هي من صنع ذلك.
هذه الشكوى هى الأولى من نوعها أن تتقدم دولة ( عربية ، مسلمة ) ضد دولة ( عربية ، مسلمة)
وكلاهما عضو في الجامعة العربية، ومنظّمة المؤتمر الإسلامي، تشكو دعمها ومساندتها لمليشيا تقتل المواطنين، وتشرّدهم وتدمّر البلد، وتستبيح كل حرماتها، ليشهد العالم على هذا الإجرام، وتؤرخ وثائق محكمة العدل هذا الحدث العجيب، وتدرك الشعوب التي عانت من تدخلات الإمارات وعدوانيتها أن السودان وحده بفضل الله إستطاع أن يهزم مشروعها ( الجنجويدي ) ويذلّها بقسوة، ويعلّمها الدرس الذي نسته في حقه، ويضعها حيثُ تستحق في مواجهة الرأي العام السوداني وإلى الأبد بأنها الوالغة في كل دم أُريق، وعرض أُنتهك، ومال أُغتصب، وتهجير قسريّ وإذلال قاسٍ، وخراب حلَّ بالوطن.
والسودان إذ يشكو إلى محكمة العدل الدولية يعلم يقينًا أن مشوارها طويل، وحُكمها غير نافذ على الأغلب، ولكنّ مراده أن يقف المجرم في قفص الإتهام أمام أعين الدنيا.
وهذا نصيب الإمارات من محكمة العدل، أما عدلُ ( الله تعالى وهو العدل ) فإن ملايين العرائض قد قُدّمت من الضعفاء المنتهكين، والأسرى الذين حرمهم جنود الإمارات وعملاؤها من الطعام والشراب، والدواء، وحتى الخلاء حتى ماتوا.
رُفعت العرائض لله رب العالمين في ليل اليتامى الطويل ودموع الثكالى، وحرض الآباء، ولهف الصغار، ومواجع الزمنى، رُفعت في همس السجود، وساعات السحر، تُناجي رب العالمين، تبثُّه ظلم الإمارات، وبطرها، وبغيها، وتوتر سهام رجاء لا تخطئ ولا تخيب، وتدعو الله بدعوة سيدنا موسى: ( وبينه والسوان آصرة ونسب ) على فرعون وآله ( وقال موسى ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالاً في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك، ربنا أطمس على أموالهم وأشدد على قلوبهم، فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم )
فكأن الجواب الأزلي يتجدد في قوله تعالى: ( ولا تحسبنَّ الله غافلاً عما يعمل الظالمون، إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار).
وليس ذلك بالأمر البعيد، ليجتمع عند الله الخصوم
