لواء ركن ( م ) د. يونس محمود محمد
المصطلحات العسكرية باب علم وافر بالإبداع في إستخدام مفردات اللغة ، والحرف ، والصورة ، لبيان المطلوب باختصار وخصوصية ، ومن هنا جاءت تسميات العمليات ، هجومية ( تعرضية ) أو دفاعية أو خاصة ، وما يزال الناس يذكرون ( صيف العبور ،ومسك الختام، وقاصد خير ، ووفاء الرجال ،و لقاء الأبطال ، وغضبة الحليم ) وغيرها من ( الأسماء الكودية ) التي تطلق على متحرك بعينه ، والآن الناس يتابعون متحرك ( الصياد ) بكل شغف واهتمام ، ويستمد كل متحرك أهميته من طبيعة الواجب المكلف به ، والنجاحات التي حققها ، والأثر العملياتي المترتب على ذلك .
متحرك الصياد الآن في قمة اهتمامات أهل السودان ( عدا القحاطة ) وذلك للأسباب الآتية :
. الرغبة الطاغية للقصاص من الجنجويد ، بسبب ما ارتكبوه من فظائع .
. التأكد من طردهم بعيداً عن المدى الحيوي للناس .
وغيره من الأسباب الداعمة لهذا المتحرك الذي يحمل ضمن متاعه ، وعُدة قِتاله ، يحمل ثارات من فُجعوا في أحبابهم ، ويحمل غضب الملايين ممن مسهم قَرح العدوان في أعز ما يملكون ، الخوف الذي روعوا به الصغار ، والإمتهان الذي ساموه للحرائر ، والإذلال الذي تعمدوه للكبار ، والمال الذي نهبوه بالبندقية .
وبعد هزيمتهم المنكرة ، وهروبهم من الخرطوم ، وولايات الوسط ، أصبح وعد القوات المسلحة لهم وعداً واجب الوفاء ، كما كان يردد قادة الجيش ، والجنجويد في غيهم يعمهون ، يعبثون غير مصدقين أن الأمر فصلٌ ، وليس هزلاً .
الزحف الكاسح الآن في كردفان ، يتحدر الصياد كأنه سيل ( خريف أزرق )
يزبد على وجه الرمل ، يطمِر أجحار العقارب والأفاعى .
بُعيد وصوله لحاضرة ولاية شمال كردفان الأبيض انفكت جُبارة الجنجويد ، وإهتزت ثقتهم في أنفسهم ، وقيادتهم ، واعتراهم القلق ، لما أحسوا بالمدائن الجميلة ( تكفي الفندق ، وبالصريف تعاين ) كما غنى الفنان ابراهيم موسى ابا ، تتطلع للافق تنظر إطلالة الرجال ليرفعوا عنها مظالم ( الأشباه ) حيث استفردوا بها ، وبالغوا في الإساءة اليها لانهم بلا دين ولا شرف .
نعم تنتظر ابوزبد ، والدلنج ، الفولة ، والمجلد ، النهود ، عديلة ، غبيش ، بارا ، وغيرها من القرى ، والفُرقان ، كلها تنتظر هِلال العيد ، وترهف السمع لهدير المتحرك ، ورصاص الغضب ، وتكبيرات المجاهدين .
ولذلك أحس الجنجويد بأن أغلب المواطنين يدارون فرحتهم بإقتراب المتحرك الخطير ، ولم يعد خافيا عليهم الحوار المجتمعي الذي يدور وبسرعة بين عناصر راشدة ، وقيادات شجاعة ، عن ضرورة وضع حد لهذه المحرقة ، التي القى فيها ( اولاد دقلو ) كل المنطقة ، والا مصلحة لأهل كردفان في التماهي مع مشروعهم الفاشل ، الذي أدى الى هلاك مئات الالاف من الشباب .
هذه التحولات في الولاء الأعمى لبعض نظارات القبائل التي تاجرت في دماء شبابها ، لمصالحها الشخصية الضيقة ، وغامرت مغامرات غير محسوبة العواقب ، وخسرت خسارة فادحة ، لا تُعوض ، فلا الأرواح الغالية ، ولا الجراح الغائرة في الأجساد ، والغِل الذي أسكنوه في القلوب ، وقطع أواصر ما بين أبناء الوطن ، فضلا عن تدمير الحياة ، وأسبابها التي اجتهدت فيها حكومة ( ٥٦ ) ومساهمات الناس ، في المدارس ، والجامعات ، والمستشفيات ، والمساجد ، ودوواين الحكومة ، وخدمات الماء والكهرباء ، والإحساس بالأمن والاستقرار ، وكسب الأرزاق ، كل هذا أطاح به أولاد دقلو الأشقياء ، ومن والاهم من القحاطة العلمانيين ، ومن مولهم ( امارات الشر ) ومن خطط لهم ثالوث الصهيونية ، والماسونية ، وكلاب صيدهم في الملأ .
متحرك الصياد الآن ليس فقط متحركا يقوم بالأعمال العسكرية التقليدية ، وإنما هو زلزال بدرجات كبيرة ، يهدم كل ما بناه الجنجويد من تطاول آمالهم ، ويهز كل قناعات الناس بجدوى مشروعهم الغشيم ، ويدخل الخوف في قلب كل جنجويدي ومتعاون ، من الذين يتسللون لواذا للخروج من المدن الأهداف ، ولا سلامة ولا أمان لهم ، إلا كما أمنوا من قبل في رفاعة ، وسنجة ، وشارع المشتل ، فأُخرجوا صاغرين ، يهيمون على وجوههم الكالحة في ( الخلا ) الذي جاءوا منه ، واليه عادوا عودا غير حميد ، ومتحرك الصياد ، حرك كوامن الحق بعدما غشيته غواشي الحمق وطغت عليه ، وحرك الشوق لاحضان الوطن الكبير ، والتواصل مع أجزائه الكريمة ، بعدما نزغ الشيطان ( حميدتي والقحاطة ) بين الناس .
ولكل ذلك تسيّد إسم متحرك الصياد أخبار المجالس ، وجهر المحبين ، وإسرار الخائفين ، إذ حوت تسجيلات كثيرة حقائق ما يدور بين الجنجويد من تلاوم ، وتهديد ، يؤكد حقيقة هزيمة مشروع المؤامرة التى لم يتجاوز دورهم فيها ( حطب الحريق ) .
إن عيون الجنجويد تنظر الآن لمحاور متحرك الصياد ، صاحب القُدرة على الوصول للأهداف ، بحول الله ثم بأهلية قياداته ، وثبات جنوده ، ودعم شعبه .
والعاقل من اتعظ بغيره
الصياد قادم لا محالة ، وبالغ أهدافه بعزم وتصميم لا مجال فيه للتردد
(فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها ، ولنخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون).