لم يعد يخلو يوم من أيام الأسبوع إلا وقد أطل علينا تقرير صحفي أو تحقيق إستقصائي من صحيفة أو مجلة غربية مرموقة ليحكى ويوثق مزيد من الأدلة الدامغة عن تورط دويلة الإمارات في حربها ضد السودان ، تتزامن هذه التحقيقات مع دخول الحرب عامها الثالث وتواتر الإنتصارات العظيمة للجيش السوداني في ظل موجات عارمة وغير مسبوقة من الحنق والغضب العربي إجتاحت معظم المنصات والوسائط الرقمية ضد الدويلة وحكومتها المستبدة .
هذه الموجة من الغضب العارم نجح السودان في إثارتها عبر الرأي العام المحلى والإقليمي مما أتاح الفرصة للأخوة الأشقاء العرب من كتاب الرأي وإعلامي الوسائط الإجتماعية من الإنضمام لها للكشف عن مزيد من إنتهاكات الدويلة وفضحها أمام الجماهير العربية التي تم إستغفالها لسنين طويلة من خلال الدعاية السوداء والآلة الإعلامية الضخمة المملوكة للدويلة والتي تبث السموم والتفرقة في جسد الأمة العربية والإسلامية.
الملفت في الأمر ليس إنتصارات الجيش العظيمة لأنها كانت متوقعة ومدروسة ولا كذلك موجات الغضب العارمة من إخواننا وأشقاءنا العرب فهم يطمحون للثأر لأوطانهم المغتصبة من قبل مليشيات الدويلة ولكن الملفت هنا الإصرار الغربي العجيب من قبل الصحف الأمريكية والأوروبية على كشف تورط الدويلة في حرب السودان وكمية التقارير والتحقيقات الصحفية التي تطل علينا في كل يوم ، هذه التحقيقات التي لم تنال حظها من العرض والترجمة للمواطن البسيط لكثافتها ولتواضع تغطيتنا الإعلامية للإعلام الغربي عامة والأوروبي والأمريكي بصفة خاصة .
إذن ماهو السر وراء هذه التحقيقات المكثفة التي اصبحت الصحف الغربية تتسابق في كشفها ونشرها يوماً بعد يوم؟
في إعتقادي أن هناك عدة أسباب وعوامل أهمها : حجم المأساة الإنسانية التي عاشها السودان بسبب دعم الدويلة للمليشيا المتمردة ، فالسودان عاش عامين في ظل مجازر وانتهاكات لحقوق الإنسان وإبادات جماعية وجرائم حرب من قتل ،سحل ،تهجير قسري ،اغتصاب ،حصار وتجويع ممنهج مع تدمير كامل للبنى التحتية ومؤسسات الدولة جميع هذه الجرائم مارستها عصابات ومليشيات آل دقلو المدعومة من أبوظبي ، هذه المآسي التي وقعت على الشعب السوداني كان العالم شاهداً عليها رغم ضعف التغطية الإعلامية الغربية إلا أن صوت بعض الصحف والمجلات كان عالياً في كشف وفضح اليد الخفية التي كانت سبباً فيها.
السبب الثاني وراء هذه التحقيقات هو توافر المعلومات والأدلة الميدانية التي أثبتت تورط هذه الدويلة ولولا إنتصار الجيش وفرض سيطرته على الخرطوم والولايات الأخرى لم يكن ليتثنى للعالم أن يعرف مدي هذا التورط الفج للدويلة، فمعظم هذه التحقيقات استمدت معلوماتها الخام من صور وفديوهات تم بثها من قبل الجيش ثم تحليلها وتصنيفها وفق منظومات تدقيق وتحليلات متطورة تمتلكها هذه الصحف والمجلات ، على سبيل المثال فإن تحقيق فرانس 24 الدولية الأخير والذي يعتبر أخطر تحقيق كشف حجم تورط الدويلة ،اعتمد على وثائق رسمية وشهادات خبراء وكشف أن شركة “إنترناشونال غولدن غروب” (IGG) الإماراتية هي الجهة التي أشرفت على صفقة تسليم أكثر من “105” آلاف قذيفة هاون من صنع شركة دوناريت البلغارية، بقيمة تُقدَّر بـ50 مليون يورو ، وعلى الرغم من أن هذه الأسلحة وُجهت في الأوراق الرسمية إلى “الجيش الإماراتي” إلا أن أدلة الفيديو والتوثيق الميداني في السودان تشير إلى أن جزءاً منها وصل إلى الميليشيا المتمردة هذا وفقاً لما ذكره التحقيق ، مما أجبر دولة بلغاريا لإصدار بيان توضح فيه ماجرى وتلقي باللوم على الدويلة لإستخدام هذه الأسلحة ضد المدنيين العزل.
السبب الثالث وراء هذه التحقيقات هو حالة الغبن العالمي والإقليمي تجاه الدول المطبعة مع الكيان المغتصب وهو إمتداد لحالة الغبن والكره تجاه هذا الكيان بحد ذاته ، فأى دولة حليفة له وجدت نفسها أمام موجات غضب وإستهجان غربي واسع بسبب مواقفها الخبيثة الداعمة للمجازر ضد المدنيين في فلسطين ،
فالاعلام المستقل والحر الغربي سعى من قبل وراء كشف تورط الدويلة في الحرب على غزة وهاهو اليوم يكشف تورطها في حربها على السودان ،لذلك لن تسلم دويلة تلطخت يدها بدماء الأبرياء من أن تُفضح وتُكشف للعلن وربما تكون هذه بداية نهاية الطقمة الحاكمة في أبوظبي.
أخيراً يمكننا القول أن الدويلة تعيش أسوأ أيامها وهذا يرجع لنجاح السودان في إدارة حربه معها جيداً ؛ فالأدلة والشكاوى التى قدمها أمام المؤسسات القانونية الدولية وحدها كفيلة بزلزلة عرش أبناء زايد ناهيك عن الآثار الناجمة عن تسرب بعض هذه الأدلة تدريجياً للإعلام في حالة لم يتم التوصل إلى أحكام دولية ضدها وهو ماتخاف منه أبوظبي فإصرارها على الوصول لتفاهمات وتسويات مع السودان في سبيل التكتم على الأدلة أهون عليها من تسريبها ونشرها في كافة الوسائط العالمية والإقليمية الأمر الذي قد يهدد عرش أبناء زايد وينسف أسطورة إمارات الخير التى أستبدلها العالم مؤخراً بإمارات الشر.
اللهم برداًوسلاماًعلى السودان