✍️ لـواء رُكن ( م ) د. يونس محمود محمد
إرتفعت وتيرة طيران المليشيا المسيّر هذه الأيام
وإزداد أذاها للمواطنين، بإستهدافها محطات توليد الكهرباء على وجه خاص، فضلاً عن القصف الأعمى الذي تكون ضحاياه مدنيين عزّل في بيوتهم وأسواقهم يأبى آل دقلو إلا أن يعمّقوا جراحهم، ويراكموا خسائرهم لا لشيءٍ سوى الإنتقام والحقد الذي ملأ جوانحهم وهم يرون مآلات الحرب، وسقوف الأماني الوردية التي إرتادتها أخيلتهم وهم قد أصبحوا سادة السودان الجُدد، وأمراؤه المتوّجين تحفّهم الهيبة، وتحرسهم متاريس الحديد، ويُقدّم الولاء بين أيديهم، والرضى بصنيعهم من دوائر المؤامرة الذين أوكلوهم بهذه المهمة خدمةً للمشروع الصهيوإماراتي؛ إذ لا يُداري الكيان الإسرائيلي أهدافه الإستراتيجية ومراكز الدراسات والمعاهد ذات الصلة في اضابريها كل الوثائق الدالّة على ذلك، لأنهم لم يعودوا يتناجون بها سرًا، إذ لا خشيةَ من أحد من الدول المستهدفة قادر على المواجهة ( القبلية ) لإجهاض الخُطط، بل إنّ الكيان الذي إجتهد في صُنع البيئة السياسية الموافقة له، المتنازلة عن الحقوق كلّها، الحق الفلسطيني، وحقوق الشعوب في إختيار حُكّامها وأنماط حياتها، وممارسة دينها.
الكيان الصهيوني إستطاع أن يستخدم الإمارات ( قناعًا ) حتى لا يبدو غريب الوجه واليد واللسان في هذا المحفل العربي المسلم وهذا السفور والإجرام الذي يسم كل أعمالها ماهو إلّا شاهدٌ على ذلك.
المسيّرات التي تهاجم الأهداف المدنية ومحطات توليد الكهرباء ومراكز الخدمات أصلًا لا تتوفر للمليشيا؛ لأن الدول المصنّعة لا تتعامل إلا مع الدول، وهذه تحكمها قوانين دولية، وإتفاقات حظر الأسلحة لتقليل خطر الصراعات وضحايا الحروب، وهناك وكالات معنية بتتبّع مسارات الأسلحة خاصةً الطيران المسيّر في العقدين الأخيرين من هذا القرن، حيثُ كثُر أثر وخطر إستخدامه، مما يسهّل تعيين المسار وتحديد دولة المنشأ والدولة المستفيدة، وحتى الصحافة الإستقصائية تفعل ذلك بنفسها في تغطيتها للأحداث فلم يعد سرًا أنّ الإمارات العربية هي المشتري الوحيد لكل هذه الكميّات المهولة من أنواع السلاح، وأطنان الذخائر، وهي ليست في حالة حرب مُعلنة مع أحد، وحركة السفن إلى الموانئ الأفريقية، والطيران إلى مطارات الدول المجاورة للسودان وعمليات النقل عبر الشاحنات العملاقة، كلّها أعمالٌ مكشوفة لا يمكن أن تمضي هكذا في الظلام، وكذلك الإستخدام لهذه الأسلحة والمسيّرات على وجهٍ خاص في إختيار وتحديد أهدافها بدقّةٍ لابُدّ أن يتمّ عبر الرصد بالأقمار الاصطناعية، والأعمال الفنيّة التخصصيّة التي لا تتوفّر للمليشيا، وتوفير هذه الكوادر من سوق الإرتزاق الدولي بالمال الإماراتي، الأمر الذي يضع الإمارات ليس فقط في خانة الداعم للمليشيا كما يبدو، ولكنّها دخلت الصراع عمليًا، وأصبحت في حالة حرب مع السودان، وإن لم تُعلن ذلك، فقد أعلنته هذه التراسانات من السلاح، ومنظومات المدفعيّة، والدفاع الجوي، والتشويش والمدرّعات النمر، ومضادات الدروع،
والألغام، والأغذية، والألبسة واللوازم الطبيّة التي غنمتها القوات المسلّحة في ميدان المعركة، خاصةً في الخرطوم، وعليها أختام وديباجات جيش الإمارات.
نعم إنّها الحرب وقرحها، ولكن عند النظر لأهداف حرب المليشيا المتصلة بأهداف دويلة الإمارات الموجّهة بالغاية الصهيونية الكبرى نجد أنّ السودان بجيشه العظيم وشعبه البطل قد هزم هذه الأهداف الثلاث المتزامنة والمرتبطة مع بعضها.
أما المليشيا وهدف الحُكم والسيطرة على السودان فلم يجنوا غير الندم والهلاك وضياع كُل ما كان بين أيديهم ولا سبيل للعودة لما كانوا عليه أبدًا .
وأما الإمارات التي تتزاكى في خطابها للمستقبل بأنها ستكون من أكبر سلاسل الإمداد الغذائي في العالم كما دبج لها ( توني بلير ) ومجوعة مراكز دارسات المستقبل وإستشرافه بأن يضعوا أيديهم على السودان بالتحديد ويسيطروا عليه من خلال حكومة موالية ( ضعيفة ) والضعف المقصود هنا هو مصطلح إستخباري يعني ”شخص أو منظومة تحت طائلة الإبتزاز بما يخيف أو بما يُعيب“
وبذلك يمكن زراعة ملايين الأفدنة، وسُقياها بالنيل والمياه الجوفية والأمطار، ويمكنها إنتاج ملايين من أطنان اللحم والألبان، والفواكه، والدجاج، والأسماك، وتصنيعها غذائيًا بمواصفات السوق العالمية، وبهذا تتحقّق نبوءة ( توني بلير ) الذي باع الإمارات الوهم وإستلم أجر الدراسة، وإحتفظ بالسِرّ لنفسه، لأنه لا يُعقل أن يغفل عن دراسة البيئة وأهم ما فيها السُكّان، حيثُ يعرف توني بلير عنهم أكـثر من غيره في فترة إستعمار السودان ومآلات بريطانيا العُظمى، وغردون والبقيّة، وها هي الإمارات في حيرةٍ من أمرها بعدما فلت السودان من يدها، أين ستزرع الوهم والأحلام وقد أصبحت موسومةً بالعدائية، فقط تهفو لإمتصاص دماء الشعوب، وعليها تحمّل هذه الأعباء من الأوزار التاريخية التي إرتكبتها في حق الشعب السوداني.
أما بني صهيون أخوان القردة والخنازير فقد ضلّ سعيهم، وخاب فألهم، وأصبحوا ( مجرمي حرب ) مطلوبين ملاحقين ليس فقط من المحكمة الجنائية الدولية، ولكن من كل الشعوب الحُرة في العالم تحاصر أي ( إسرائيلي ) في أيّ مكان يرتاده في العالم، فأصبحوا منبوذين وإنكشفت أوهام جيشهم الخائر الجبان تحت ضربات وصمود وذكاء أبطال المقاومة الإسلامية حيثُ يعاني الكيان وجوديًا الآن، وليس له حظّ في السودان لا الآن ولا في المستقبل بإرادة وإختيار الشعب السوداني بحول الله.
المسيّرات الإماراتية لن تضرّنا إلا أذى، والجيش قد أكمل ترتيباته ليس فقط للدفاع الجوّي ضدها، ولكن لبسط كامل السيطرة على التراب السوداني، وتقفيل ( الباب البجيب الريح ) .
لكنّ الأمر لن يقف في هذا الحد ولن ينتهي هكذا، وإنما هُنالك فواتير واجبة السداد، ودماء لا بُدّ لها من ثأر، ومظالم وحقوق لا بُدّ أن تُرد، فتشاد التي بالغت في عداء السودان وتعمّدت أذاه لا يُمكن أن تهنأ بالمكافأة الإماراتية للقاتل المأجور.
وكذلك دويلة الشر لا يُمكن أن تغسل يدها من دماء أهل السودان، وويلاته، ودماره، ثمّ تدخل علينا من باب الجامعة العربية المريب، أو عفا الله عمّا سلف، لأن الله تعالى لم يعف المفسدين في الأرض، لا في الدنيا ولا في الآخرة ..
قريبًا بحول الله يُسدل الستار على آخر مراحل الحرب وهو تهديد الطيران المسيّر الإماراتي.
{ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ }