✍️ لـواء رُكن ( م ) د. يونس محمود محمد
لطالما حدّث الإسرائيليون أنفسهم والناس بأنّهم شعب الله المختار الذي آثرهم ربهم ( *يهوه* ) بكل صفات الكمال، وسخّر لهم بقيّة خلائقه لخدمتهم، وكانت علامةُ ذلك أنّهم معفيون من كُل قيدٍ قانوني أو اخلاقي يضبط سلوك الدول، والشعوب، كيف لا وكُل الغرب يسعى لخدمتهم، وتوفير أشكال الدعم والإسناد لمشروعاتهم الإستيطانية، ويبرّر جرائمهم ضد العرب والفلسطينيين خاصّة بأنها حقٌّ للدفاع عن النفس، وتُجبي إليهم ثمرات المال، والمعرفة، والتقنية في أحدث منتجاتها، حتى تسيّدوا منطقة الشرق الأوسط، وبسطوا سُلطانهم، ورسّخوا قناعاتهم لدى الآخرين بأنَّ الأفضل المُطلق ألّا يقف أحدٌ ضِدّ إسرائيل، ولا يحدّث نفسه بذلك، بل المطلوب تقديم صدقات النجوى والتلطّف حتى تهِبك السلام، وتضمن ( *السلامة* ).استمرأ يهود هذا الحال المصنوع بعناية، والمصاغ بالمؤثرات التاريخية، محرقة اليهود في ألمانيا، والمظالم التي حلّت بهم ، فأجادوا دور الضحية وإنتزعوا تعاطفًا لا يستحقّونه.الآن وبعدما كشفت حرب غزّة عنهم كثيرًا مما كانوا يخفونه عن الناس، وحشية وغريزةُ قتلٍ أشدَّ من ضواري البرية واستخفافًا بكلِ حُرمة إنسانية، ومبالغة في الإسراف ، فتغيّرت عواطف الناس نحوهم لما إكتشفوه من خبيئات سوءٍ وفُحش من خلال إنتخابهم أشدَّ المتطرفين نزعةً أمثال بن غفير، وسيموتريش، وجالانت ونتنياهو، وغيرهم من القتلة، وتصريحاتهم الوقحة التي تصف الفلسطينيين بأنهم ( *حيوانات* ) وليسو بشرًا، مما يصنعُ صورةً ذهنيةً لديهم بأنَّ ليس عليهم من سبيل في سفك دمهم، وتشريدهم من أرضهم وتجويعهم حتى الموت، بل ونصب شراك الموت لهم بالطعام الملغوم بالرصاص، فيما عُرف بمؤسسة غزّة الإنسانية التي تُديرها أمريكا وإسرائيل معًا وليست ثمّة حرج ولا تثريب عليهم في ذلك.فقامت ثورة الضمير الإنساني الحُر جراء تلك الإنتهاكات وأصبحت إسرائيل مجرمة حربٍ في عُرف العالم وشعبها عصابة إجرامية لا تستحق التعاطف.ثم جاءت طامّة عدوانهم على إيران لإشباع شهوة السطو والقتل فيهم، ولكن الرد الإيراني كان صاعقًا لهم، وغير متوقّع نظرًا لما بنوه من وهم الحماية والإستعصام بالقُبّة الحديدية، فأجبرتهم الصواريخ الإيرانية على العيش تحت الأرض، والتدافع من أجل السلامة الشخصية، والهروب الكبير إلى الخارج عبر منافذ غير معتادة، لأنَّ السُلطات منعت المغادرة بالقانون، إلّا ستكون دولة الكيان خاليةً خلال أيام، بالمشي بالأرجل حتى الحدود الأردنية في وادي عربة وجسر الملك حسين والحدود المصرية في طابا ومنها لشرم الشيخ، وكذلك ركوب البحر عبر اليخوت والسفن الصغيرة بمبالغ طائلة، وعبر الرشاوى للضباط والعسكريين وبمساومات غاية في الإبتذال، وهذا ما وثّقته شهادات متعددة.هذا الشعب المختار أصبح الآن محتارًا، بل شديد الحيرة هل يبقى في أرض الميعاد حيثُ السمن والعسل، والمن والسلوى، أم يعود أدراجه إلى حيثُ جاء من أوروبا غربًا وشرقًا، ومن كندا ، وأمريكا ، وأستراليا، وبعض بلاد أفريقيا.وحتى ذلك الحين هل يمكث تحت الأرض في الملاجئ حيثُ طفحت الأنانية، وتنازعوا في المجالس والمراقد، وهل تبقى رؤوس أموال الأثرياء أم تجدُ طريقها للخارج، وعشرات التساؤلات المبهمة بلا مجيب تعصفُ الآن وتضربُ عُمق المجتمع الإسرائيلي الذي إكتشف أنه مجرّد غشاء خادع لفحوى مقزّز وأنّه محض إصطناع وليست فيه سمة راسخة، وأنّه وهمٌ كبير لا مقامَ له في عالم الحقيقة، ولا بُدَّ أنّه زائلٌ لا محالة.إنَّهم يتخذون الولايات المتحدة درعًا فقط لأنهم في مركز صناعة القرار هناك، ولكن ذلك لن يحقق الإستقرار النفسي والأمن الشامل وذلك بما كسبت أيديهم.الشعب المحتار الآن أصبح محل سخرية العالم وتندرهوما تزال في جعبة الزمان سهام لم تُرمَ بعد، وللشعوب كلمةٌ برغم سطوة حُكّامها المطبّعين.ولله الأمرُ من قبلُ ومن بعد.إنّه زمانُ تهاوي الأسطورة وإنكشاف الستر.فمِن شعبُ الله المختار إلى شعب الله المحتار:*لا هداكم الله.**فلتعش سواعد القسّام الخضراء ذات البأس**ولتدُمْ صواريخ إيرانِ البالستية.*