تقرير عثمان الطاهر
في خطابه الاخير والذي ظهر فيه وسط جنوده حاول المتمرد قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو حميدتي أن يستثير عواطف دول الجوار ويغازلها من خلال تأكيده بأنه يسعى الى تأمين الحدود المشتركة بين ليبيا وللسودان ومصر عقب سيطرة قواته على منطقة المثلث الحدودية
وبدا أن حميدتي بحاول استعادة تقديم نفسه للدول الاوربية أنه يستطيع بقواته منع الهجرة الشرعية ومكاغحة تهريب البشر والمخدرات
ونوه في خطابه الى أن منطقة المثلث تمثل بؤرةللفساد والارهاب والهجرة غير المشروعة وتجارة المخدرات والتهريب
معلنًا أن قواته قامت بتأمين كامل الصحراء الحدودية مع ليبيا ومصر وتشاد عقب السيطرة على “المثلث”، وجدد حميدتي، تعهده باحترام حدود الدول المجاورة للسودان وقال ( أن مشاكل قوات الدعم السريع مع حكومة مصر كانت مفتعلة ولا تنفع فيها المشاحنات بقدر النقاش والحوار ،وتابع: “نحن لسنا ضد أي دولة”، مبينًا أن الجيش والكيزان حاولوا تشويه صورة قوات الدعم السريع أمام دول مجاورة أخرى منها جنوب السودان وتشاد وأفريقيا الوسطى، وقطع بأن قواته تحترم جميع دول الجوار وتتعاون معها، وأكد أن قوات الدعم السريع سيطرة على منطقة “المثلث” لتأمين كافة أنحاء الصحراء، وتابع (لن تجد منها دول الجوار”سوى الخير”، وربما يتساءل الكثيرين عن اسباب
تغيير موقف حميدتي ازاء دولة مصر التي ظل يتهمها بالتورط في الحرب في السودان الى درجة انه اتهم الطيران المصري بقصف قواته وتركت تصريحاته الأخيرة علامة استفهام كبيرة ؟
فهل نجحت الإمارات في مساعيها لتحييد الحكومة المصرية واقناعها بالتوقف عن دعم السودان والجيش ؟
وهل فعلا ستلعب
المصالح الاقتصادية دوراً محورياً في تغيير تحالفات حرب السودان ؟
محاولة فاشلة
واعتبر القيادي بالحركة الشعبية جناح مالك عقار سعد محمد أن ظهور قائد مليشيا التمرد محاولة فاشلة منه لإرسال رسالة طمأنة للحكومة المصرية بأن وجوده على الحدود لا يضر بها، ولكن من قراءة المعطيات يتأكد بأن العلاقة بين السودان ومصر تحكمها قواعد وأعراف وطيدة وممتدة عبر التاريخ، وقاب في حديثه ل(ريتيرن نيوز) أن المليشيا لا تراعي المصالح
المشتركة بين البلدين ولا يمكن تؤثر عليها تحركات مليشيات متمردة وفاقدة للبوصلة وتتكسب من التخريب والنهب وزعزعة السلم والأمن، ورأى أن مواقف حكومة مصر تعبر عن روح الاخوة الصادقة بين الشعبين على طول وعرض وادي النيل، ونوه إلى أن ظهور “حميدتي ” بعد هزائم متتالية تلقاها على أيدي أبطال القوات المسلحة والقوات المشتركة والمدمجة التي تقاتل في كل المحاور، وتم طرده من عدة مناطق كان يحتلها عندما أجبرته تلك القوات الوطنية على الفرار إلى الحدود، وجزم بأن خطابه الأخير يهدف إلى رفع المعنويات المنهارة لمليشيا الدعم السريع الإرهابية .
رسائل عديدة
فيما اتفق القيادي السابق بالكتلة الديمقراطية محي الدين جمعة مع محمد حيث أكد أن موقف مصر من الحرب لن يتغيير تجاه مليشيا الدعم السريع حيث سبق أن اعلنت مصر موقفها ودعمت مؤسسات الدولة الشرعية ولاتزال تتعاون مع حكومة السودان من خلال السفير المصري، وقال في حديثه ل(ريتيرن نيوز) أن تصريحات حميدتي ليس لها أي معني بالنسبة للجانب المصري في الوقت الراهن، ونبه إلى أن خطاب حميدتي حمل رسائل محلية واقليمية بخصوص دول الجوار خاصة جمهورية مصر العربية ودولتي ليبيا وتشاد، فضلاً عن أنه حمل كثير من الأكاذيب والتضليل بخصوص علاقته مع تلك الدول حيث أن قواته ظلت تنتهك حقوق المواطنين وتدمر البنية التحتية ويمكن أن تصدر هذه الجرائم إلى الدول خاصة مصر في حالة فتح المعابر المشتركة،وتابع :(من المؤكد أن خطابه يظهر انهزامهم في الاستيلاء على مدينة الفاشر لقد تلقت قواته خسائر فادحة في العتاد والارواح أن حاولوا المساس بأمن واستقرار الولايات تحت سيطرة القوات المسلحة لن يسلم أحد منهم و قريباً ستعيد القوات المسلحة والقوات المساندة لها كافة المدن التي تقع تحت سيطرة المليشيا وحماية المدنيين وممتلكاتهم في كل أنحاء البلاد).
محاولة تحييد مصر
وفي السياق ذاته يؤكد المحلل السياسي الفاتح محجوب أنه من غير الممكن و يصعب على مصر تغيير موقفها لانها تعلم جيداً تنسيق حميدتي مع اثيوبيا وتعلم الكثير عن علاقاته مع إسرائيل ومع العديد من الدول التي تنسق ضدها ضمن دول حوض النيل، وأوضح محجوب في حديث مقتضب ل(ريتيرن نيوز) أن حميدتي أراد تحييد مصر لإضعاف الحكومة السودانية لكنه يعلم جيداً ان كل تحالفاته تعمل ضد مصر، وجدد تأكيده أن ذلك أمر مستبعد أن يعمل الجانب المصري مع حميدتي.
فقدان المنطق
و قلل الخبير العسكري الفريق يونس محمود من تصريحات حميدتي الأخيرة وأرجع ذلك لأنه أصبح مشهوراً بالثرثرة والتهريج والوعد بما لايستطيع الوفاء به لافتقادة لمعرفة، نفسه اولا معرفة وامكانياته ثانيا معرفة عدوه وهي القوات المسلحة رغم أنه ظل لصيقا بها إلا إنه فشل في معرفة
أصل وإمكانيات القوات المسلحة لاسيما وأنها من رحم الشعب وأن أي خسارة يتعرض لها يستطيع ان يعوضها باعتبار أن الجيش يمثل الدولة وتسعي جاهدة من أجل توفير الإمدادات له دون كلل أو مال
واوضح يونس في تصريحات لموقع ريتيرن نيوز أن
حميدتي يظل رهين لواجهات قبلية ومناطق بعينها وهي نفسها منقسمة ومستمرة في ضمور وإضمحلال لذلك درج الرجل على الاستعانة بالمرتزقة من دول الجوار واردف ” من المعلوم ان المرتزقة لايقاتلون بل يستمتعون بالمنافع من خلال التواجد بالخط الثاني ويقاتلون من أجل الأجر فقط ولكنهم لايصمدون أبداً من أجل أحداث تغيير في نواحي الحرب، وأشار إلى أن حميدتي إذا نظر لتصريحاته منذ ان كان بالحكومة تفتقد للمنطق، ودلل على ذلك بحديثه عن الدولار وغيرها من الأمثلة، وأيضاً حديثه عند ما بدأ التمرد عندما قال للبرهان اما أن تستسلم أو نستلمك وهذا هو جوهر حديثه، مشيراً إلى أن الرجل ظل يتوعد بالسيطرة على البلاد وفشل في ذلك الأمر ومن ثم بدأ يتراجع بفقدانه للقصر وغيرها من المقار العسكرية إلى ان وجد الرجل نفسه في منطقة (دوامايا) أقصي جنوب غرب نيالا، منوهاً إلى أن ان النظار والعمد يتم جلبهم بمقابل وان الجيش الذي ظهر مع حميدتي في اخر ظهور له أغلبه من صغار السن، موضحاً أن ما حدث لايعدو كونه حفلاً صغيراً.
فقدان البوصلة
وفي تعليقه حول تهديدات حميدتي
باجتياح الشمالية يؤكد محمود ان الاقليم لديه قوات ضاربة وليس منطقة خالية حتي يتوعده حميدتي، وقطع بأن قائد المليشيا فقد البوصلة وبلغ درجة بعيده من التهور حتى يصل به الأمر إذا دعت الضرورة ان يقاتل الجميع كما صرح شقيقه عبد الرحيم دقلوا وهو تهديد ليس له قيمة، وأكد ان الجانب المصري لديه معلومات عبر استخباراته حول ماهية هذه المليشيا وكيفية تعاملها، وتابع واذا كان لديهم الرغبة فليعينوه مثلما فعلت الامارات وإسرائيل بالمسيرات وأجهزة التشويش واجهزة التصنت، لكن كل ذلك لم ينفعه في شيء حتى وقع غنيمة في يد القوات المسلحة.
ثبات الموقف المصري
من جهته أكّد مساعد وزير الخارجية المصري السابق ومسؤول ادارة السودان السابق بالخارجية المصرية حسام عيسى موقف مصر الثابت من عدم تورّطها في أيّ حروب خارج حدودها وأنّها لا تبادر بالحرب.
وقال في تصريحات حسب موقع المحقق( مصر موقفها ثابت أيضًا ولن يتغيّر من وقوفها مع الدولة السودانية ومؤسساتها وعلى رأسها القوات المسلحة السودانية”.
ورأى أن تصريحات حميدتي التي ذكر فيها انه قام بمراجعة حساباته تّجاه مصر، بأنّها إدراك منه للثقل المصري ومحاولة لتجنب استفزاز الجار القوي.
براغماتية حميدتي
وأردف إنّ حميدتي يحاول تبرير تحركاته في المثلث الحدودي بين السودان ومصر وليبيا.
ووصف ذلك بأنها وسيلة براغماتية من أجلّ عدم استثارة جار إقليمي قوي له تأثير في هذه الظروف.
وأضاف” مصر تراقب الموقف بكلّ دقة وفي المثلث الحدودي على وجه الخصوص”.