تقرير عثمان الطاهر
في خطوة متوقعة أصدر رئيس الوزراء الدكتور كامل ادريس قراراً باعفاء الدكتور معز عمر بخيت من منصب وزير الصحة واعاد تعيين الدكتور هيثم محمد ابراهيم عوض بدلا عنه ويبدو أن الخطوة جاءت كرد فعل لتاخر المعز وتحججه باصابته بكسر في قدمه عقب أيام قليلة من إعلان تعينه
واعقب ذلك حملة شرسة ضد المعز من قوى المعارضة التي ترى أن الحكومة الحالية غير شرعية لذلك تسعى لقطع الطريق عليها واغلاق كل فرص النجاة في وجهها من خلال حرمانها من المجئ بوزراء مشهود لهم بالكفاءة في مجالهم
ويبدو أن المعز قد مورست عليه ضغوط كثيفة دفعته لتقديم استقالته رغم ترحيبه في البداية بالمنصب
لكنه تأخر كثيراً في إعلان الخطوة بشكل رسمي
وكان سفير السودان الاسبق بالبحرين العميد الركن (م) صلاح الدين محمد أحمد كرار قد شكك في صحة د
المعز
بعد ان تم اعلان تعينه حيث اعلن عن اصابته بكسر في ساقه ممادفعه الى السفر الى لندن من اجل القيام ببعض الفحوصات الطبية، ولم يستبعد كرار في الوقت ذاته ان تكون قد مورست على المعز ضغوط مثلما ماحدث لرئيس الوزراء السابق د. عبد الله حمدوك أبان عهد حكومة الانقاذ. خاصة علاقة البحرين. المتميزة مع الامارات وتأثير زملاء المعز عليه
واعاد مشهد الضغوط الكثيفة التي تعرض لها د المعز أعاد للاذهان إعتذار د عبد الله حمدوك في العام 2018 م حينما رشحه النظام البائد لمنصب وزير المالية ودفع به في الزمن بدل الضائع وقدمه كالغريق الذي يتشبث بورقة لانقاذه حيث كان النظام في نهاياته بسبب تفاقم الازمة الاقتصادية وتزايد حالة السخط الشعبي الذي أدى لاحقا الى تفجير ثورة ديسمبر والتي اسقطت نظام الانقاذ
والسؤال هل تعرض حمدوك لضغوط أنذاك أم أن جهات دولية اوعزت إليه أن النظام سيسقط لامحالة مما دفعه لرفض المنصب أم أن حساسية منصب الامين التنفيذي السابق للجنة الاقتصادية لافريقيا الذي شغله واختلافه الايدلوجي مع الانقاذ دفعه للاعتذار؟
خطاب إعتذار
ولم تمضي ساعات على قرار رئيس الوزراء كامل إدريس حتى خرج وزير الصحة المقال دكتور معز عمر بخيت بخطاب وجد رواجاً واسعاً من قبل ناشطي التواصل الاجتماعي وبعض السياسيين البارزين أكد فيه انه بعث برسالة لرئيس الوزراء دكتور كامل إدريس في السادس والعشرين من يوليو الماضي قدم فيها إعتذاره عن تولي منصب وزير الصحة وذلك عقب تعرضه لإصابة في الرجلين رغم انه كان قد تهيأ لتحمل هذه المسؤولية التي وصفها بالكبرى باعداد الإستراتيجية المناسبة واختيار فريق عمل يدعم تطبيقها على ارض الواقع.
وتحصل (ريتيرن نيوز) على نص الرسالة التي اعرب فيها د المعز عن أسقه وقال :(وبكل أسف وبعد الإصابة التي تعرضت لها مؤخرًا في كلا الرجلين (كسر في اليمنى وفصل في كاحل اليسرى) وإضافةً إلى ظهور مضاعفات في أسفل الظهر أثّرت على القدرة على الحركة – وهو ما قد يستدعي تدخلاً جراحيًا وعلاجًا يستغرق فترة طويلة)، وأضاف :” فقد قررت بعد تفكير عميق ومشورة طبية أن أقدم لكم اعتذاري عن تولي حقيبة وزارة الصحة في هذا الظرف الملح”
وتابع :” لكنني ساظل فداء لوطني وللناس في بلادي عبر مهنتي وتطوير وتوطين تخصصي وتنفيذ مشروعي الاصل في اقامة اكبر مستشفي تخصصي في طب وجراحة المخ والاعصاب واعادة التأهيل وهو الاول من نوعه، ليس في السودان فحسب بل في كل القارة الافريقية، وأردف :(من خلاله اساعد في التدريب والبحث وانقاذ وعلاج كل حالات هذا المجال الهام للغاية والذي توجد به فجوة عظيمة، وذلك في الوقت المناسب، كما ساظل ادعم العمل الصحي بالمشورة وبالخبرات وبالعلاقات على كل المستويات) .
عرف سياسي
ويبدو أن تأثير الضغوط كبير حتى انك تجد من يتم اختياره يسارع بتدبيج بيان يحشد فيه المبررات التي تجعله يتخلى عن المنصب ويبتعد عن دائرة الأضواء، فرغم ترحيب د المعز وارتياحه لاختياره وزير للصحة إلا أن الضغوط التي مورست عليه خاصة على منصات التواصل الاجتماعي ورجح مراقبون أن ذلك دفعه للتراجع عن قبول المنصب فهل ادخرته المعارضة لتكرار سيناريو حمدوك الذي جاءت به رئيس للوزراء في الفترة الانتقالية . خاصة وهو المعروف بانحيازه لثورة ديسمبر من خلال قصائده الثورية ؟
وضع معايير
ومن جهته تمسك المحلل السياسي اونور علي بضرورة وضع معايير لاختيار الوزراء ومعايير في كيفية اختيار الوزير مثل انضمامه لحزب سياسي ومدى فاعلية هذا الحزب أو الجسم السياسي، والعمل على تحديد نسب محددة للسلطة، فضلاً عن تحديد هوية الحكومة هل هي حكومة محاصصة حزبية أم حكومة مستقلين،وقال لريتيرن نيوز ينبغي وضع معايير منذ البداية لاختيار الحكومة وكيفية تشكيلها،وأكد على ضرورة وضع معايير لاختيار الوزير الذي سيتولى الحقيبة الوزارية من خلال درجته العلمية ومدى نزاهته وكفاءته وعدم ادانته في جريمة مخلة بالشرف،بجانب ان يكون الشخص المعني يلتزم بالسير في إطار موجهات الحكومة الجديدة،ونوه إلى أن ان اغلب مكونات الشعب السوداني من مجتمع مدني وسياسي ومنظمات انحازوا للدفاع عن الوطن في معركة الكرامة ويساندون القوات المسلحة والمشتركة، وان هنالك من انضم للمليشيا وتوجهاتها وقال لايمكن المجئ بشخص يمضي مع توجهات ما وصفها بالمليشيا وتعيينه مسؤولاً، مشيراً إلى أن اغلب الدول تكون حكوماتها من الاشخاص الداعمين لها وانه لايمكن المجئ بشخص يقف ضد التوجه العام للدولة التي لديها برامج وسياسات وخطط ترغب في تنفيذها على أرض الواقع، وشدد على ضرورة بوضع معايير صارمة لاختيار الحكومة حتى يعرف الشخص من أين شكلت هذه الحكومة ومن أين جاءت، ودعا لضرورة ان تشكل الحكومات وفق معايير محددة ومتفق عليها، ونبه إلى أن أهمية التشاور مع الشخص المرشح بعد استيفاء الشروط قبل إعلان الحكومة والاتفاق معه على خطط وبرامج محددة ومن ثم إعلان الحكومة كمرحلة اخيرة، وقطع انه إذا نفذت هذه الخطوات لن يكون هناك أي تأثير،خارجي وطالب باهمية ان لا تنجرف الحكومة لأي توجهات أو تاثيرات لاسيما وانها صاحبة القرار النهائي بسبب ما تمتلكه من تخطيط استراتيجي، مؤكداً أنه بهذا الخطوات مهما تكالبت عليه القوى التي تسعى الضغط عليه عبر الاسافير من أجل تغيير موقفه لأن الشخص المختار جاء عبر قناعة وان من ضمن المعايير القبول والقناعة بالمنصب، مبيناً ان ما اسماه الضغط عبر اللوبيهات والشلليات هي التي تمارس الضغط على الشخص المعين للمنصب، موضحاً اهمية ان يكون النقد بناء وليس هداماً يعمل على تفكيك المؤسسات الحكومية وعلى رؤى لا تختص ولا تتأثر باي انتقادات، وتابع :”اذا تم تشكيل الحكومة وفق الشلليات واللوبيهات سيحدث مثلما ما حدث في الصحة ووزارة الثروة الحيوانية”.
