تقرير :عثمان الطاهر
عاد رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق أول الركن عبد الفتاح البرهان إلى البلاد بعد زيارة رسمية إلى العاصمة المصرية القاهرة، استجابة لدعوة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، استغرقت يومًا واحدًا، وشهدت مباحثات ثنائية تناولت ملفات سياسية وإنسانية ذات أهمية مشتركة، وفي تصريح صحفي أوضح وزير الخارجية السوداني، محي الدين سالم، أن المباحثات بين الرئيسين استعرضت العلاقات الثنائية بين البلدين، إلى جانب القضايا الإقليمية والدولية، وعلى رأسها الأزمة السودانية، والأوضاع الإنسانية المتدهورة في مدينة الفاشر وغيرها من المناطق المحاصرة، وأشار الوزير إلى أن البرهان قدّم التهاني للرئيس السيسي على نجاح قمة شرم الشيخ، وما حققته من نتائج إيجابية للأشقاء الفلسطينيين، مؤكدًا حرص السودان على تعزيز أجواء الأمن والسلام في المنطقة. وقف القتالوجدد البرهان شكر السودان لمصر على مواقفها الثابتة والداعمة لمؤسسات الدولة السودانية، فيما أكد الرئيس السيسي رفض بلاده لأي تدخل خارجي في الشؤون السودانية، داعيًا إلى وحدة الصف السوداني لحماية الوطن ومقدراته، كما تطرقت المباحثات إلى مبادرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي ساهمت في وقف القتال في غزة، حيث اعتبر الجانبان أن هذه المبادرة خلقت مناخًا إيجابيًا يمكن البناء عليه لتحقيق السلام المستدام في المنطقة، بما في ذلك السودان، وشملت المباحثات أيضًا مناقشة الأوضاع الإنسانية في الفاشر، حيث تم استعراض الانتهاكات المستمرة التي يتعرض لها المدنيون، وسط دعوات لتكثيف الجهود الدولية لوقف الحرب وتخفيف المعاناة الإنسانية.صدى واسع وخلفت الزيارة صدى واسعاً وسط محاولات إقليمية ودولية لايجاد حلول للأزمة السودانية في ظل تقدم عسكري للجيش بالمحور الغربي املاً في تحرير المدن المحاصرة وعلى رأسها فاشر السلطان التي تعاني من وضع إنساني كارثي بحسب تقارير إعلامية ، ويكثف المجتمع الدولي والإقليمي من مجهوداته مع الفاعلين للبحث عن مخرج سلمي للحرب، وجاءات زيارة القائد العام للقوات المسلحة عبد الفتاح البرهان وسط أجواء يحفها السلام حيث احتضنت القاهرة قبل أيام توقيع اتفاق السلام من أجل وقف الحرب بغزة، لكن يظل السؤال هل بإمكان دولة مصر ان تساهم مع الفاعلين الإقليميين والدوليين في وقف الحرب بالسودان؟ ، فيما تظل الأبواب مشرعة على جميع الاحتمالات حيث يتقدم الجيش على الميدان الأمر الذي يعني ان بإمكانه فرض شروطه إذا تدخل الوسطاء ودفعوا بالسودان إلى طاولة الحوار . زيارة ناجحة بالنسبة للكثير من المراقبين فان زيارة رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان لدولة مصر قد جاءت في توقيت مناسب باعتبار أن الأزمة السودانية السياسية الآن تمضي نحو الحل العسكري بصورة مباشرة، وهذا ما ذهب إليه المحلل السياسي هيثم محمود في حديثه ل(ريتيرن نيوز)، وأكد أن زيارة البرهان لدولة مصر جاءت في الأصل من أجل لقاء المبعوث الأمريكي لشؤون افريقيا والشرق الأوسط مسعد بولس ولقاء عبد الفتاح السيسي باعتبار أن مصر جزء من الرباعية وبالتالي ما فشلوا فيه عبر منبر جدة حاولوا تنفيذه عبر مصر، وأشار إلى أن من جهة ثانية أكد البرهان للسيسي للمبعوث الأمريكي بأن القوات المسلحة لن تفرط في وحدة البلاد وتراب الوطن، وأوضح ان السيسي كذاك ابلغ المبعوث الأمريكي رفضهم مايسمى بحكومة تأسيس جملة وتفصيلاً وتقبلوا مجلس السيادة باعتبار أنه يمثل شرعية الدولة، مشيراً إلى أن البرهان رفض تماماً لقاء رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك بترتيب من السيسي وترتيب دولي لإعادة الشرعية لحمدوك مايسمى بقوى الحرية والتغيير، منوهاً إلى أن البرهان بزيارته ارسل عدة رسائل انه يرفض لقاء حمدوك وكل ما ساند ماوصفها بالمليشيا التي شكلت لها قوى الحرية والتغيير الحاضنة السياسية بالتعاون مع عبد الله حمدوك، موضحاً أن طريق القوات المسلحة يمضي نحو الحل العسكري ويرفض أي وساطة آخرى لإعادة حمدوك، مبيناً ان الشارع العام يرفض أي حلول مع الحرية والتغيير وأى حلول تعمل على إعادتها للمشهد السوداني مجدداً، مضيفاً أن البرهان تعامل بقوة وندية كبرى بعكس ما كان يرى البعض وأن الولايات المتحدة الأمريكية ترغب بفرض سياسة الأمر الواقع بعد أن فشلت في منبر جدة لكنها وجدت ان هذا الأمر لايتماشى مع رغبة الشعب السوداني، مؤكداً انهم عبر دولة مصر يعملون على ترتيب ان تكون قحت والمليشيا جزءا من المشهد السياسي لكن الشعب السوداني والحكومة يرفضان ذلك الأمر خاصة وأنه رفض مفاوضات المنامة التي تعاملت معها الحكومة بسرية، ويضيف قائلاً :” مايطلبه منبر جدة هو ما يرغب به الشعب السوداني والقوات المسلحة وأن المنبر أقر بخروج منبر جدة من الاعيان المدنية وهو ما لم تقم المليشيا بتنفيذه، وأن الزيارة كانت ناجحة تماماً وأن الشعب يرفض أي تفاوض، وأن الزيارة أكدت ان الحكومة هي من تملك زمام الأمور عبر مجلس السيادة الذي يمثل الشرعية باعتراف مصر ومن قابله، وأن رفض البرهان يعني بأن لا مكان للعملاء بالبلاد “.لقاء تشاوريوفي السياق ذاته يؤكد المحلل السياسي الفاتح محجوب أن زيارة الفريق أول عبدالفتاح البرهان إلى القاهرة للاجتماع بالرئيس المصري عبدالفتاح السيسي اتت مباشرة بعد قمة شرم الشيخ وتصريحات المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط مسعد بولس الذي تحدث عن اتصالات لانهاء الحرب في السودان وان امريكا تجعل الحرب في السودان في قمة اولوياتها، وأشار في حديثه ل (ريتيرن نيوز) إلى أنه يعتبره لقاء تشاوري في المقام الأول لأن مصر حليفة للسودان وبالتالي اراد السيسي تنوير البرهان بمطلوبات امريكا والرباعية الدولية والتعرف على رؤية البرهان ورده على المطلوبات الأمريكية، ورأى أن التنسيق بين الحكومتين يجنب السودان أى قرارات تجعله في صدام مباشر مع امريكا وفي ذات الوقت يساعد على استصحاب رؤية الحكومة السودانية في اي مشروع سلام تقترحه الرباعية الدولية وتابع:” عموماً في الافق تلوح فرص تحقيق السلام في السودان كما لم يحدث قط من قبل”.وربط كثير من المراقبين بين لقاء اللجنة السياسية برئاسة الفريق أول ركن كباشي شمس الدين مع القوى السياسية الذي التأم خلال اليومين الماضيين وبين قمة البرهان والسيسي ورجحوا ان يكون اللقاء كشف عن اعتزام الجيش الدخول في مفاوضات بحسب التسريبات التي خرجت للعلن ورغم ان مجلس السيادة نفى ذلك الا ان السرية التي احاطت بها اللجنة السياسية اعمالها ومنع الصحفيين من تغطيتها والتواجد في باحة فندق مارينا الذي اقيم فيه الاجتماع هذه السرية تركت علامة استفهام كبيرة وسؤال مهم وجوهري ماذا وراء الاكمة؟
